م. حسن أبوسم
أشرقت شمس جديد في مروي مبشرة بتباشير المزيد من الكنز الدفيق القابع في شمال بلادي ..
كالعادة استيقظت باكراً . و حملت الكاميرا أجول في أرجاء القرية و عند خروجي من استقبال القرية لمحت من بعيد شخصاً يرتدي كامل بدلته في ذلك الصباح الباكر جدا (الساعة السابعة صباحا ) و يلتقط الصورة تلو الأخرى باحترافية الموثق للحدث . فلحقت به لأعرف من الذي يحمل نفس فضولي لهذه البقعة فإذا بي أشبهه على أحد أساتذتي الكرام و بالفعل اتضح لي أنه القامة التي أصررت أن استقبلها بالامس (الدكتور . مدثر سليمان محمد علي) فأخذنا جولة تصويرية في أنحاء القرية و قد قمت بتعريفه ببعض الأماكن التي تعرفت عليها في اليوم السابق.
و تجاذبنا أطراف الحديث عن هذه الجنة الغنَّاء و عندما دخلنا إلى القرية وجدنا الشاي الصباحي لم يجهز بعد فطلب مني الدكتور أن نذهب لرؤية قاعة المؤتمرات التي ستعقد فيها الجلسات ، فانطلقنا إليها و كل منا يلتقط الصور و عند وصولنا وجدنا الدكتور النشط د.أمجد في التجهيزات لليوم الجديد .
عدنا إلى الحديقة الرئيسية لتناول شاي الصباح ثم انطقلنا لنتجهز لليوم الثاني و قامت فيه أيضاً جلستين يفصل بينهما وجبة الإفطار .
و كان لوجبة الإفطار قصة في حد زاتها ، حيث رافقت (بروف.جلال عبدالله علي) إلى صالة الطعام و تجاذبت معه أطراف الحديث و عن حالنا نحن صغار المهندسين و عن حالهم قديماً فبادرني بحديث من القلب و بلا تكلف و تناولت مع وجبة الإفطار مع د.محجوب .
عند عودتنا إلى قاعة المؤتمرات استكملت باقي الجلسات و كانت نهاية الجلسة عند الرابعة تقريبا ، فطُلب من الجميع التجهز و الاستعداد للتحرك إلى مباني إدارة جامعة عبداللطيف الحمد لتناول وجبة الغداء ..
تحركت الباصات نحو مباني إدارة جامعة عبداللطيف الحمد و وصلنا في زمن وجيز لا يكاد يذكر ، و عند وصولنا فإذا بالكرم الحاتمي يبدو جلياً واضحاً عند الحديقة الخارجية و كالعادة كان في استقبالنا مدير الجامعة الذي لم يفارق ضيوفه و لا يهدأ له بال حتى يطمئن على سير برنامج المؤتمر ، تناولنا وجبة الغداء و تم الإعلان أن الوفد سيتحرك إلى جبل البركل تلك المنطقة التي تمزج جمال الطبيعة الخضراء بعبق التاريخ السوداني الأبي و ترسم شموخ و عزة ملوك تلك الحقبة من الزمان حيث تم تعريفنا عند وصولنا بالمنطقة و بالمعالم الأثرية فيها و قمنا بزيارة معبد الملك و الغرف و مشاهدة الصخور الجرانيتية التي نُحتت عليها الكتابات بكل دقة و مهارة ، و بعدها توجهنا لرؤية الأهرامات و كان تحفة أبدع صانعوها و مشيدوها في إحكام جودة التشييد فيها و كان منظر الغروب من تلك المنطقة ساحراً للأبصار و لا يسع المجال لوصف تفاصيل تلك الزيارة الخاطفة ..
تحركت الباصات نحو مجمع العلوم الطبية بجامعة عبداللطيف الحمد (كريمة) و صلى الضيوف صلاة المغرب و بعد الصلاة بقليل ذهب لأشحن بطارية الكاميرا و إذا بأحد موظفي الجامعة يهرول و يبحث بسرعة عن طفاية حريق . فخرجت فإذا بأحد المعامل يشتعل و الدخان الكثيف بدأ ينتشر في أرجاء المجمع فسارعت إلى الخارج باحثاً عن طفاية حريق في أحد السيارات و لم نوفق في ذلك فتحركنا نحو مركز الإطفاء في مدينة كريمة و لم أتوقع أن يكون بهذا القرب بل لم أتوقع أن تحوي تلك المدينة الصغيرة مركزاً للإطفاء و عند وصولنا وجدنا طاقم المركز يتناولون وجبة و بمجرد إخبارهم بوجود حريق تركوا ما في أيديهم و سارعوا و انقسموا لجزئين أحدهم معنا في السيارة (البوكس) و القسم الآخر قال انهم سيلحقو بنا . و فعلا لم يتأخروا بل لم يتعد الزمن 10 دقائق و تم السيطرة على الحريق الصغير سريعاً بفضل الله ثم بفضل اسراع مركز الإطفاء و طاقمه فلهم الشكر على تفانيهم و إخلاصهم في عملهم ..
و كان الجميع للإستمتاع بالأمسية فانقسم الوفد بين الشباب الذين تجمعوا عند تنس طاولة (البينغ بونغ) .
و الأعمار الوسيطة الذين اختاروا أن يجلسوا بمقربة من الفرقة و تناول أطراف الحديث .
و اساتذتنا الكبار اختاروا أن يكونو في المقدمة بقرب الحديقة ، و بحق كانت تلك الأمسية التي ذابت فيها كل الحواجز (مع حفظ المقامات) و من يرى حالنا في تلك الأمسية ليقول أن هؤلاء عائلة واحدة تجمعوا في هذه الكلية ..
بعد ذلك تناول الجميع وجبة العشاء بنفس المجمع ، ثم انطلقنا إلى الباصات نحو القرية السياحية و تمتزج بداخلنا مشاعر الألفة بين الجميع و بين قرب الوداع . و عند وصولنا للقرية استسلم كل منا إلى النوم من طول و كثرة و ثراء فعاليات ثالث أيام تواجدنا في مروي ..
نواصل بإذن الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق