آخر المواضيع

نحو إنشاءات صفرية الانبعاثات الكربونية (2/5) ... د.م.م. مالك دنقلا

Written By Amged Osman on الأحد، نوفمبر 27، 2022 | 3:45 م

 نحو إنشاءات صفرية الانبعاثات الكربونية

بقلم: دكتور مهندس مستشار مالك علي دنقلا

(2/5)



 تطرق الجزء الأول من هذه السلسلة إلى تعريفات إلى الموضوع، وإلماحات إلى خطورة الانبعاثات الكربونية، والاتفاقيات الدولية لمجابهتها. إضافة إلى علاقة الأمر بصناعة التشييد، ومصادر الانبعاثات الكربونية عبر دورة حياة المباني.

واليوم يستمر الحديث ليتناول جوانب أخرى من الموضوع.

سياسات مستقبلية ومبادرات إستراتيجية:

ظل قطاع المباني إلى فترة كبيرة يشكل أحد المجالات الرئيسية التي تفتقر إلى سياسات محددة للتخفيف من آثار تغير المنا، على الرغم من أهميتها لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، حيث يرتبط حوالي 40% من انبعاثات الكربون بالبيئة المبنية، ويشمل ذلك الانبعاثات المرتبطة بتدفئة المباني والطاقة التي تستهلكها لدعم العمليات وتشغيل البنية التحتية، كما أن قطاع البناء يمثل حوالي 50 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويرتبط أكثر من نصفها بمنتجات ومواد البناء، وخاصة الصلب والأسمنت، والتي تمثل حوالي 15% من انبعاثات الكربون العالمية، كما ينتج قطاع البناء أيضًا حوالي 60% من النفايات المنتجة.

ولقد أدى التوجه العالمي نحو حماية البيئة من الأثر السـلبي للانبعاثات الكربونية الصـادرة عن المباني والحفاظ على الموارد إلى إصدار العديد من السياسات التي تهتم باستدامة المباني، حيث تمثل الاستراتيجيات المستقبلية الرامية إلى الوصول باستهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية في المباني إلى المستوى الصفري جزءاً أساسياً من استراتيجية إزالة الكربون على الصعيد العالمي، كما يتم العمل على أن تصبح تلك الاستراتيجيات الشكل الرئيسي الذي يتخذه تشييد المباني في جميع الاقتصادات في سبيل الوصول إلى مستوى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050م.

ويعد تضمين المباني في تعهدات المناخ بموجب اتفاقية باريس المعروفة، وقوانين الطاقة الإلزامية في المباني، والإطار الكربوني لنظم التشييد التابع للمجلس العالمي للأعمال التجارية من أجل التنمية المستدامة؛ ومنتدى البناء النظيف لفريق قيادة المدن الأربعين المعني بالمناخ؛ وإطار منظمة العمارة 2030 لبلوغ المستوى الصفري للانبعاثات؛ من ضمن هذه السياسات العالمية.

هذا إلى جانب مبادرات أخرى كثيرة للوصول بقطاع البناء إلى الخلو تماماً من انبعاثات الكربون، ومن أبرزها مبادرة الانفاق على (الاقتصاد الأخضر)، أي منخفض أو منعدم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في الولايات المتحدة بحزم مالية بتريليونات الدولارات، وكذلك مبادرة (السعودية الخضراء( باستثمارات بلغت عشرات مليارات الدولارات، وحتى الآن، هناك تريليونات أكثر تم التعهد باستثمارها في التحول الاقتصادي نحو الطاقة المتجددة وتكنولوجيا خفض الانبعاثات في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.

وتشمل هذه المبادرات الالتزام بالمباني عديمة انبعاثات الكربون الصادر عن المجلس للمباني والتشييد في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي تحدد الأهداف والجداول الزمنية والإجراءات الرئيسية اللازمة للوصول إلى أن تكون جميع المباني عديمة الانبعاثات ومتسمة بالكفاءة وقادرة على الصمود من الآن حتى عام 2050م.

علاوة على ذلك، أصدر التحالف العالمي للمباني والتشييد في عام 2020م خرائط الطريق الإقليمية للمباني والتشييد في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، التي تحدد الأهداف والجداول الزمنية والإجراءات الرئيسية اللازمة للوصول إلى أن تكون جميع المباني عديمة الانبعاثات، ومتسمة بالكفاءة وقادرة على الصمود من الآن حتى عام 2050م على نطاق العالم، ويلزم تنفيذ خرائط الطريق هذه، جنباً إلى جنب مع الالتزامات المذكورة أعلاه، ضمن إطار الجهود المبذولة للوصول بقطاع البناء إلى الخلو تماماً من انبعاثات الكربون.

وهناك عدد كبير من مبادرات إزالة الكربون التي تم تطويرها من قبل قطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية ومنظمات القطاع التطوعي، والتي تتماشى بشكل عام مع أهداف سياسة الحكومات.

وبالنظر إلى نشاط القطاع العام الأوسع في البناء، فإن تصميم وتنفيذ المشاريع والبرامج يمكن أن يعزز تأثيرها رغبة السلطات المتعاقدة أيضًا في النظر في المشاركة في مبادرات معينة، حيث تتماشى هذه المبادرات مع استراتيجياتها التنظيمية، وحيث لا تتعارض الالتزامات مع لوائح المشتريات أو السياسات الحالية.

سياسات تعديل قوانين الطاقة والبناء:

بدأ الاهتمام على وجه التحديد يتجه إلى قوانين الطاقة الخاصة بالمباني، مما يدل على أهمية كفاءة استخدام الطاقة في المباني للمستقبل المناخي، خاصة وإن جميع دول العالم تشهد نمواً مطرداً في أعداد السكان، والتوسع العمراني، والتمدد في قطاعي الإنشاءات والإسكان، وبالتالي يجب أن يرافقها تخطيط مستدام قادر على الاستجابة مع التغير المناخي. حيث إن إعادة تأهيل المباني الحالية، والمنوي إنشاؤها، للتقليل من انبعاثات الكربون الناجمة عنها يتم من خلال توفير المواد والتكنولوجيات التي تسهم في تقليل الانبعاثات في المباني المراد تأهيلها، وإيجاد العمالة المدربة لتشغيلها في المشروع.

كما يجري حالياً استخدام قوانين البناء ومعايير اعتماد الاستدامة في تشييد عدد من المباني يفوق أي وقت مضى، غير أنه من الضروري تعزيز تلك القوانين والمعايير وتوسيع نطاقها؛ لزيادة العمل من أجل الوصول بالكربون في رصيد المباني الموجودة إلى مستوى الصفر، فهناك فرصة كبيرة للاستفادة بالقوانين والمعايير وقواعد الاعتماد التي تدفع نحو إزالة انبعاثات الكربون تماماً في القطاع بأكمله.

وذكرت دراسة حديثة أن هناك عدة دول بدأت تخطط لإصدار قوانين جديدة أو معززة في هذا الصدد اعتباراً من عام 2021م، حيث هناك فرصة كبيرة للاستفادة بالقوانين والمعايير وقواعد الاعتماد التي تدفع نحو إزالة انبعاثات الكربون تماماً في القطاع بأكمله، كما أظهر الإنفاق على المباني الموفرة للطاقة زيادة في عام 2019م لأول مرة بالمقارنة مع السنوات الثلاث السابقة، مع زيادة الاستثمار في كفاءة استخدام الطاقة في المباني في جميع الأسواق العالمية إلى 152 بليون دولار أمريكي في عام 2019م، وهي زيادة نسبتها 3 في المائة مقارنة بعام 2018.

الاستثمار في المباني صفرية الكربون

اصبحت المباني صفرية الكربون تمثل إحدى فرص الاستثمار العالمية الكبرى في العقد المقبل، وتقدّر مؤسسة التمويل الدولية القيمة التي ستمثلها بحلول عام 2030م بمبلغ 24.7 تريليون دولار، وهناك ثمة بوادر إيجابية في القطاع بأسره على أنه يجري التمسك في استراتيجيات الاستثمار بفكرة إزالة الكربون من المباني، حيث بدأت المؤسسات المالية والشركات العقارية تدرك ما يتيحه الاستثمار في المباني المستدامة من إمكانات نمو قوية ومن فرص استثمارية، فعلى سبيل المثال، قام ما نسبته 90% من 1005 من الشركات العقارية وشركات البناء وصناديق الاستثمار العقاري والصناديق الأخرى، التي تدير أصولاً بقيمة تتجاوز 4.1 تريليونات دولار بتقديم تقارير في عام 2019م لمؤسسة المعيار العالمي لمراعاة البيئة والمسائل الاجتماعية والحوكمة فيما يتعلق بالأصول الحقيقية، بمواءمة مشاريعها مع معايير تقييم المباني الخضراء فيما يتصل بالتشييد والعمليات.

وتقوم الحكومات بدور هام في إتاحة هذه الفرصة، لا سيما الآن، من خلال إدراج تدابير إزالة الكربون بشكل منهجي في حزم الإنعاش، ويمكن أن تزيد بشكل ملحوظ معدلات التجديد، وتوجّه الاستثمار إلى المباني العديمة الكربون، يساعد على توفر فرص العمل، ورفع القيمة العقارية، والحد من استغلال المواد الأولية، وإمكانات المواد الأحيائية؛ وإمكانات استخدام الحلول المستمدَّة من الطبيعة لتخضير المدن والمباني، مع خفض الطلب على الطاقة والتبريد؛ والعلاقة المتبادلة بين الإسكان والصحة والرفاه؛ والحاجة الملحة إلى حلول مستدامة في مجال التبريد من أجل تحقيق القدرة على الصمود والتكيف.

تكاليف تشييد المباني الصفرية والوفورات المستقبلية:

لا شك أن تشييد المباني الصفرية مكلف من الناحية المادية، لكن في الواقع، وبحسب دراسة أجراها معهد روكي ماونتين في الولايات المتحدة، فإن معدل الفرق للتكلفة الأولية بين المباني صفرية الطاقة وتلك التقليدية يبلغ نسبة 7.3%.

وقد تكون التكلفة المالية هي إحدى العقبات لتطور وتزايد الأبنية صفرية الطاقة، لكن بالطبع، لا يمكننا أن نغض النظر عن الوفورات المالية التي تحققها المباني صفرية الطاقة عبر استعادة تكلفة البناء خلال السنوات الأولى للبناء، ناهيك عن الخسائر البيئية والتكاليف الاجتماعية التي يمكن تفاديها، لذا على الدول وضع استراتيجيات وخطط مالية لتحفيز إنشائها، حيث يجب أن تستبدل الصناعة الوقود الأحفوري بمصادر طاقة ومواد أولية منخفضة الكربون، وأن تتجه تحديداً إلى استخدام الكهرباء المتجددة الخالية من الكربون. كما يتعين عليها استخدام الكتلة الحيوية المنتجة بشكل مستدام والهيدروجين كمواد أولية أو كوقود.

برنامج التتبع الجديد المستخدم لدى التحالف العالمي للمباني والتشييد:

يتتبع البرنامج الجديد لتتبُّع مناخ المباني المستخدم لدى التحالف العالمي للمباني والتشييد ما يحرزه القطاع من تقدم في إزالة الكربون على نطاق العالم، ويستخدم هذا البرنامج بيانات مستمدَّة من سبعة مؤشرات عالمية لبيان التقدم المحرز منذ عام 2015م في وضع مقياس يشمل مؤشرات تتعلق بالإجراءات والتأثير، ويدل هذا المقياس على أن التقدم السنوي المحرَز في إزالة الكربون آخذ في التباطؤ، وأنه قد انخفض في الواقع إلى النصف تقريباً من عام 2016م إلى  2019م.

ورغم أن عدد الإجراءات المتَّخَذة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع المباني آخذ في الازدياد، فإن معدل التحسن السنوي آخذ في التناقص، ولوضع قطاع المباني على المسار الصحيح المؤدّي إلى الوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050م، يتعين على جميع الجهات الفاعلة في سلسلة قيمة المباني أن تساهم في الجهود الرامية إلى عكس هذا الاتجاه وزيادة إجراءات إزالة الكربون وتأثيرها خمسة أضعاف.

ويتألف برنامج تتبع مناخ المباني من المؤشرات السبعة التالية: الاستثمار المتزايد في كفاءة الطاقة في المباني عالمياً (مقيس بقيمة الاستثمارات)، وقوانين الطاقة الخاصة بالمباني (مقيسة بعدد البلدان)؛ وشهادات اعتماد المباني الخضراء (مقيسة بنسب النمو التراكمي)؛ والمساهمات المحددة وطنياً المتضمنة لإجراءات في قطاع البناء (مقيسة بعدد البلدان)؛ وحصة الطاقة المتجددة في الطاقة النهائية في المباني على نطاق العالم (مقيسة بالنسبة في المئة)؛ وكثافة وحدة الطاقة في قطاع البناء (كيلوواط ساعة/متر مربع)؛ وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

 التخطيط من أجل المستقبل:

أصبحت الحكومات تتخذ التخطيط المستقبلي لتحقيق الهدف النهائي بدلاً من المعالم قصيرة الأجل، وذلك من خلال خيارات مسبقة تضع الأسس اللازمة للتنمية في المستقبل، فعلى سبيل المثال يشكل تصميم المدن والاستثمار في البحوث والتكنولوجيات التي سيحتاج إليها العالم في العشرين أو الخمسين عاماً المقبلة أهمية بالغة، كذلك خفض الرسوم المفروضة على السلع منخفضة الكربون كألواح الطاقة الشمسية والمصابيح الموفرة للطاقة، وذلك وفقاً لما اتفقت عليه مؤخراً بلدان رابطة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.

كما تم اعتماد العديد من التقنيات المبتكرة والرائدة لتوجيه العملية الكاملة للبناء بهذا المفهوم لإنشاء مباني مستقبلية تعتمد على الاستهلاك منخفض الطاقة وصفر كربون دون الانبعاثات، حيث أصبح تطوير المباني الحديثة معدومة الطاقة ممكنًا إلى حد كبير من خلال التقدم المحرز في تكنولوجيا الطاقة الجديدة والبناء وتقنياتهما، وتشمل تلك الألواح الشمسية عالية الكفاءة، والمضخات الحرارية عالية الكفاءة والنوافذ ثلاثية ورباعية الزجاج وذات الانبعاثات المنخفضة.

حان الوقت للتعاون بين القطاعين العام والخاص:

حان الوقت للتعاون الجذري بين الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، عبر برامج التخفيف والتكيف والصحة، حيث يجب على الحكومات والمنظمات العامة والخاصة إجراء تقييمات لمساهماتها في انبعاثات الكربون، ووضع استراتيجيات تفصيلية لدعم الانتقال إلى رصيد عالمي من المباني المستدامة ذات الانبعاث الصفري من الكربون.

فبالنسبة لمالكي المباني والشركات، يعني ذلك اتخاذ أهداف قائمة على العلم لتوجيه الإجراءات، والتعاون مع أصحاب المصلحة فيما يتعلق بتصميم المباني وتشييدها وتشغيلها ومستخدميها من أجل إقامة الشراكات وبناء القدرات.

وبالنسبة للمستثمرين، يعني ذلك إعادة تقييم جميع الاستثمارات العقارية من منطلق كفاءة استخدام الطاقة، والحد من الكربون.

وبالنسبة للحكومات الوطنية، يعني ذلك زيادة التزامات البلدان بتقديم المساهمات المحدَّدة وطنياً، والأخذ باستراتيجيات مناخية أطول أجلاً، ودعم القواعد التنظيمية التي تحفز على التوسع في المباني العديمة الانبعاثات، وهو يعني أيضاً إعطاء الأولوية لقوانين الطاقة الإلزامية الخاصة بالمباني، إلى جانب التوسُّع في تدابير التصديق والعمل بشكل وثيق على تسهيل اعتمادها وتنفيذها، مع اتباع نُهج أكثر مرونة تحقق تخفيضًا بنسبة 100% في الانبعاثات التشغيلية (أو المجسدة) عبر مجموعة من المباني، بدلاً من السعي لإزالة الكربون بالكامل من كل مبنى، نظراً لأنها تجمع بين حلول فعالة من حيث التكلفة وقابلة للتحقيق تقنياً، مثل كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، حيث إن المباني الخالية من الكربون تتمتع بإمكانيات ملحوظة لتحويل المدن إلى مدن مستدامة.

كما ستعمل المباني الخالية من الكربون على تعزيز قيادة الحكومة والصناعة والمجتمع المدني لضمان الالتزام بأهداف طموحة، لذا يجب تحسين التعاون عبر مستويات الحكومة، لأنه سيؤدي إلى نجاح أكبر في إزالة الكربون عن قطاع البناء.

وبالنسبة لجميع الجهات الفاعلة الأخرى فإن ذلك يعني اعتماد مفاهيم تتمحور حول الاقتصاد الدائري للحد من الطلب على مواد البناء، وخفض الكربون الملازم، واعتماد الحلول المستمدة من الطبيعة التي تعزز مرونة المباني، وهو يعني إدماج مبادئ الصحة في إقامة المباني الجديدة، وتجديد المنازل القائمة لحماية شاغليها.

وعندئذ فقط سنكون متوافقين تماماً مع أهداف التنمية المستدامة؛ وعندها فقط سيكون لدينا قطاع للمباني والتشييد صفري الانبعاثات، متسم بالكفاءة، والقدرة على الصمود، بما يكفل لنا حماية سبل العيش في الحاضر والمستقبل.

نحو إنشاءات صفرية الانبعاثات الكربونية (1/5) ... د.م.م. مالك دنقلا

Written By Amged Osman on السبت، نوفمبر 26، 2022 | 9:02 م

 نحو إنشاءات صفرية الانبعاثات الكربونية

بقلم: دكتور مهندس مستشار/ مالك علي دنقلا

 (1/5)



نبتدر اليوم سلسلة جديدة من المقالات التي تهتم بصناعة التشييد وتلقي الضوء على تأثرها وتأثيرها بما حولها من معطيات، مما يلقي على كواهل المهتمين أعباء التواصل والتعاون والتفكير والتخطيط.

وقد انعقدت مطلع هذا الشهر في مدينة شرم الشيخ الدورة السابعة والعشرون من قمة الأمم المتحدة للمناخ - كوب 27 (COP27)، في محاولة لإعطاء دفعة جديدة لمكافحة التغير المناخي، وذلك في ظل دعوات لالتزام الدول الكبرى بأهداف تقليص الانبعاثات ومساعدة الدول الصغيرة على مواجهة تداعيات تغير المناخ.

ولقطاع المقاولات تأثر وتأثير في هذا الأمر الذي ينال الاهتمام الكبير، من قادة الدول ومن الجهات الدولية والإقليمية، ومن متخذي القرار، ومن الاتحادات والهيئات والنقابات المتخصصة.

والجدير بالذكر أنه من المزمع قيام الجمعية العمومية التأسيسية لأحياء وتفعيل اتحاد المقاولين في الدول الإسلامية، والذي يضم لفيفاً من اتحادات المقاولين العربية والإفريقية الآسيوية.

واتحاد المقاولين بالدول الإسلامية كيان منضو تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي منذ العام 2006م. ولإعادة تفعيله أهداف مهنية وتطويرية تصبو إلى تقوية قطاع المقاولات في المنطقة؛ كأحد أبرز ركائز التعاون والتكامل الاقتصادي، مما يراد منه تمكين الشركات الوطنية من ممارسة دورها المنشود في تحقيق النمو والتنمية الشاملة والمستدامة لكافة الدول الإسلامية.

وقد شارك (اتحاد المقاولين السودانيين) ممثلاً في مهندس/ أبو بكر إدريس - رئيس اللجنة التسييرية للاتحاد في اللجان التحضيرية لإحياء الاتحاد، وهي لجان نوعية مختصة بإعادة صياغة النظام الأساسي، ووضع الموجهات والخطط التي تضمن بإذن الله الدور المنشود والرائد للاتحاد.

وكاتب هذا المقال مكلف بمنصب الأمين العام في اتحاد المقاولين في الدول الإسلامية، وقد وجهت الأمانة العامة الدعوة للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامية والسيد رئيس البنك الإسلامي للتنمية لحضور ومخاطبة الجلسة الافتتاحية.

ينعقد هذا الاجتماع التأسيسي في 24 من نوفمبر الجاري في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، برعاية كريمة من البنك الإسلامي للتنمية بجدة، ومن الهيئة السعودية للمقاولين. ويؤمه ممثلون لاتحادات وهيئات وشركات من ٢٦ دولة إسلامية.

وعودة إلى موضوع المقال؛ فقد شهدت الأعوام الماضية ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة، وتغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، لذا اتفق العالم على تثبيت مستوى تغير المناخ عند درجات أقل؛ حيث يظهر بوضوح أنه من أجل تجنب أسوأ آثار تغير المناخ والحفاظ على كوكب صالح للعيش، يجب أن تقتصر زيادة درجة الحرارة العالمية على 1.5 درجة مئوية، وللوصول إلى هذا الهدف؛ وجد أنه ينبغي خفض انبعاثات الكربون إلى مستوى الصفر لمعادلة الحاجة إلى خفض درجة الحرارة، أو على النحو المطلوب في اتفاق باريس - يجب خفض الانبعاثات بنسبة 45٪ بحلول عام 2030م والوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050م.

كما وجد أن المباني والإنشاءات هي المسؤولة عن أكثر من ثلث الانبعاثات، مما يجعلها من أكبر المساهمين في تغير المناخ، وأكبر مصدر عالمي للانبعاثات، وأنه ستتضاعف الانبعاثات من المباني مع توقع نمو سريع في عدد المباني الجديدة خلال السنوات القادمة، وخاصة في المدن والبلدات الأفريقية والآسيوية، الأمر الذي ترتب عليه زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والذي أدى مع غيره من غازات الدفيئة إلى حبس المزيد من الحرارة وتضخيم ظاهرة التغير المناخي.

فمن الملاحظ أن المباني أصبحت مسؤولة عن ٣٩٪ من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن استهلاك الطاقة، وترتفع بوتيرة ١٪ من انبعاثات الكربون كل عام، ولذلك يجب استخدام وسائل وتقنيات جديدة ومبانٍ أقل انبعاثاً للكربون إذا أردنا تحقيق إستراتيجية نحو (صفر كربون) في منتصف هذا القرن، حيث هناك العديد من المجالات التي نحتاج إلى تطويرها في المباني من أهمها: تكييف أو تدفئة المباني المراعية للبيئة، وتصنيع مواد البناء، وطرق تنفيذ المباني، والتخلص من النفايات، واستخدام طاقة نظيفة.

ووفقاً لتقرير التحالف العالمي للمباني والتشييد، فإن الفجوة بين الأداء المناخي لقطاع البناء ومسار إزالة الكربون لعام 2050م آخذة في الاتساع، كما أنه من المتوقع أن يتضاعف استخدام الموارد الخام في الأعوام القادمة، حيث يساهم الفولاذ والخرسانة والأسمنت بالفعل في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

كما تصطدم التطبيقات بمجموع الأنظمة الرسمية والخاصة التي ترسخت في قطاع البناء، مثل: الأنظمة العمرانية، الأنظمة والعادات السائدة المراعية للتجاور بين المباني، المعايير المعمارية للمباني، والمحافظة على التراث المعماري السائدة.

وشدد التقرير، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة ووكالة الطاقة الدولية، على أن هناك حاجة ماسة إلى إدخال تحسينات جذرية على الطريقة التي يتم بها بناء وتصميم مباني العالم، إذ كانت هنالك إرادة في أن يلعب قطاع البناء والتشييد -ذي الأهمية العالمية- دوراً في تحقيق الأهداف الدولية بموجب اتفاق باريس.

وبالنسبة للعالم فإن مساحة المباني قد تضاعفت منذ عام ١٩٩٠م، ويمكن أن تتضاعف المساحة الحالية مرة أخرى حتى عام ٢٠٦٠م، ومع وجود عدد أكبر من سكان العالم يعيشون الآن في المناطق الحضرية أكثر من أي وقت مضى، فإن المدن لها دور قيادي تلعبه، وتتيح قائمة مسارات لبناء مدن (صفرية الكربون) الفرصة لمتابعة أو تشجيع الأساليب ليس فقط للمباني الفردية، ولكن أيضًا عبر منطقة أو مجموعة من المباني.

كما تعزى تلك الزيادة في الانبعاثات في قطاع المباني إلى الاستمرار في استخدام الفحم والنفط والغاز الطبيعي لأغراض التدفئة والطهي، حيث في عام 2021م زاد الطلب على الطاقة التشغيلية للتدفئة والتبريد والإضاءة والمعدات في المباني بنسبة حوالي 4% من عام 2020، و3% من عام 2019م، واقترن ذلك بمستويات أعلى من الأنشطة في المناطق التي ما زالت فيها الكهرباء كثيفة الانبعاثات الكربونية، مما يؤدي إلى وجود مستوى مطَّرد من الانبعاثات المباشرة.

 وهناك أيضاً تزايد في الانبعاثات غير المباشرة (أي من الكهرباء)، حيث يمثل استهلاك الكهرباء في تشغيل المباني وإدارتها 55% في المائة تقريباً من الاستهلال العالمي للكهرباء، مما يؤكد أهمية وجود إستراتيجية للعمل بصورة حازمة على تقليل الطلب على الطاقة في البيئة المعمارية، مع إزالة الكربون في قطاع القوى الكهربية وتنفيذ إستراتيجيات المواد التي تقلل من انبعاثات الكربون طوال دورة الحياة، ومن شأن هذه التدابير مجتمعة أن تؤدي إلى خفض كل من الطلب على الطاقة والانبعاثات.

وقال تقرير الحالة العالمية للمباني والتشييد لعام 2022م، والذي تمت مناقشته في مؤتمر المناخ الذي انعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية: إن قطاع التشييد يمثل أكثر من 34% من الطلب على الطاقة، وحوالي 37% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالعمليات في عام 2021م، وتوصل التقرير الجديد إلى أنه على الرغم من زيادة الاستثمار في كفاءة الطاقة وانخفاض كثافة الطاقة، فقد انتعش استهلاك الطاقة في قطاع البناء والتشييد وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة التشغيلية لقطاع المباني والتشييد إلى 10 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل زيادة بـ 5% عن مستويات عام 2020م، ولذلك يجب العمل بجدية نحو خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المباشرة الناجمة عن قطاع المباني إلى النصف بحلول عام 2030م، للمضي قدمًا في المسار الصحيح لمخزون البناء الكربوني صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050م.

وفي ظل التحول الجذري العالمي نحو تحقيق الموازاة بين الطلب المتزايد على الإسكان والطاقة وحماية البيئة، ولأن عملية إزالة الملوثات الكربونية من المباني تُعد خطوة أساسية لتحقيق مستقبل خالٍ من الكربون، فإن تحسين المباني يعد واحدًا من أكثر الحلول المتاحة لتخفيف المناخ إثباتًا وفعالية، لذلك يجب أن تكون جميع المباني الجديدة خالية من الانبعاثات، ولتجنب زيادة الانبعاثات من الضروري إنشاء مبانٍ قادرة على الصمود أمام تأثيرات تغير المناخ، وهذا يعني أن تستهلك المباني القليل من الطاقة، وأن تكون مدعومة بمصادر الطاقة المتجددة قدر الإمكان، وألا ينبعث منها الكربون.

من هنا فإنه بحلول عام 2050م طبقاً لتحقيق أهداف اتفاقية باريس يجب أن تكون جميع المباني (صفرية الكربون)، حيث أكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن العالم يجب أن يعمل على خفض انبعاثات الكربون بما يعادل 49٪ على الأقل من مستويات عام 2017م، ليصبح خاليًا من الكربون بحلول عام 2050م، وذلك لغرض تلبية الأهداف التي حددتها اتفاقية باريس والتي أشرفت عليها الأمم المتحدة.

وللسير على المسار الصحيح المؤدي إلى خلو إجمالي المباني الموجودة من الكربون تماماً بحلول عام 2050م تشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إلى ضرورة أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المباشرة من المباني بنسبة 50%، وأن تنخفض انبعاثات قطاع البناء غير المباشرة عن طريق خفض انبعاثات توليد الطاقة بنسبة 60% بحلول عام 2030م، ويتعين أن تسفر هذه الجهود عن انخفاض قدره حوالي 6% سنوياً في انبعاثات قطاع البناء من عام 2020م إلى عام 2030م، وعلى سبيل المقارنة، فقد انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة العالمي بنسبة 7%.

ولكن سيتطلب هذا الكثير لسد هذه الفجوة من الطموح المعزز بشكل كبير إلى تنفيذ المباني الأكثر كفاءة وإمدادات الطاقة المتجددة، حيث يمكن للقطاع أن يقلل من تأثيره، بالبحث عن مواد بديلة، وإزالة الكربون من المواد التقليدية مثل الأسمنت، فعلى سبيل المثال، قد يكون للفولاذ والأسمنت المنتجان عند انخفاض معدلات الكربون مواصفات مختلفة تتطلب تعديل قوانين البناء، وتعتبر عمليات إعادة البناء والتعديلات التحديثية باهظة الثمن، كما أن تكاليف الإنتاج أعلى، ووفقًا للتقديرات من المنتظر أن يترتب على إزالة الكربون من الأسمنت والصلب والأمونيا والخرسانة تكلفة تقدر ما بين 11 إلى 21 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2050م، وهو أمر قد تترتب عليه بعض المشكلات متى تعلق الأمر ببيع السلع في السوق العالمية، حيث يعتبر إنتاج الأمونيا والأسمنت والإيثيلين والصلب مسئولاً عما يقرب من نصف الانبعاثات الصناعية.

واعتبارًا من عام 2019م، التزمت أكثر من 75 دولة بالوصول إلى انبعاثات كربون صفرية بحلول عام 2050م، وتأتي المملكة المتحدة وفرنسا والسويد والنرويج في مقدمة الصفوف فيما يتعلق بسن التشريعات، وتتخذ بعض الدول الأخرى خطوات إيجابية، فهناك قانون (المستقبل النظيف) الأمريكي الذي يحدد حلولًا خاصة بقطاعات بعينها، وحلولاً على مستوى الاقتصاد، وتهدف جميعها إلى تحقيق اقتصاد نظيف بنسبة 100٪ بحلول عام 2050م.

وتوقعت دراسة جديدة أن يؤدي انتقال العالم إلى نظام طاقة نظيف خالٍ من الكربون، بحلول عام 2050م، إلى توفير ما لا يقل عن 12 تريليون دولار، مقارنةً بمواصلة مستوياتنا الحالية من استخدام الوقود الأحفوري. ويُظهر سيناريو الدراسة المتعلق بالانتقال السريع إلى الطاقة النظيفة مستقبلًا واقعيًّا محتملًا لنظام طاقة خالٍ من الأحافير بحلول 2050م، ما يوفر حوالي 55% من خدمات الطاقة على الصعيد العالمي، مقارنةً بما نحن عليه حاليًّا، وذلك من خلال تكثيف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات والمركبات الكهربائية وأنواع الوقود النظيف، كما أن الوصول إلى (صفر كربون) في قطاع المباني والتشييد سيسهم في ضمان صحة ورفاهية شاغليها، والحد من ظاهرة التغير المناخي.

تعريفات هامة:

صفر كربون:

(صفر كربون) يعني عدم وجود انبعاثات كربونية من المنتجات / الخدمات، ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار المباني التي تتمتع بكفاءة عالية في استخدام الطاقة والتي تعمل بالطاقة المتجددة بالكامل على أنها مباني خالية من الكربون. ومبنى شبكة الطاقة الصفرية (NZEB)، أي مبنى بدون صافي استهلاك للطاقة، مما يعني أن إجمالي كمية الطاقة التي يستخدمها المبنى كل عام يساوي إجمالي كمية الطاقة المتجددة التي يولدها الموقع، وعادةً ما تكون المباني ذات الطاقة الصفرية الصافية قابلة للتبادل مع المباني الخالية من الكربون، والمباني الخالية من الطاقة (ZEB) والمباني الصفرية الصافية. (NZB).

المباني صفرية الكربونZero Carbon Building (ZCB)::

يعبر المصطلح عن المباني صفرية الكربون الطاقة، كما يستخدم المصطلح ZCB في بعض الأحيان بالتبادل مع العديد من المصطلحات ذات الصلة مثل البناء، المستدام والبناء، الأخضر، ويمكن تعريف المباني ZCB على أنها المباني التي تسعي إلى ترشيد استهلاك الطاقة وبالتالي تعمل على خفض معدل انبعاثات الكربون الصادر عنها.

ما الذي يعنيه الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر؟

بالمعنى الدقيق للكلمة، يتحقَّق الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر في العالم حينما يتم تقليص انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن أنشطة البشر إلى مستويات الحد الأدنى المطلق الممكنة، والتعويض عن أي (انبعاثات متبقية) من خلال كمية مكافئة من العمليات الدائمة لإزالة الانبعاثات البشرية المنشأ حتى لا تنطلق في الغلاف الجوي، وتشير عمليات إزالة الانبعاثات البشرية المنشأ إلى إزالة انبعاثات غازات الدفيئة من الغلاف الجوي من خلال أنشطة الإنسان المتعمدة، على سبيل المثال عن طريق الحلول التكنولوجية (الاحتجاز المباشر لثاني أكسيد الكربون وتخزينه) أو من خلال الحلول الطبيعية (استصلاح الأراضي وتحسين إدارة الغابات).

ويتم تحقيق مجتمع محايد للكربون عندما يصل خفض انبعاثات الكربون إلى نسبة 100% من خلال أنظمة الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى قيم التكلفة المعيارية للطاقة اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني لنوعين من المجتمعات. وكما هو متوقع، هناك حاجة إلى سعات أصغر لأنظمة الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح لتحقيق خفض الانبعاثات.

مصادر الانبعاثات الكربونية خلال دورة الحياة للمباني:

تصدر الانبعاثات الكربونية من خلال الأنشطة المرتبطة بالبناء، والتي تتعدد بدورها اعتماداً على مراحل البناء، والتي تم تصنيفها إلى ثلاث مراحل:

 

مرحلة الإنتاج The production stage: يشمل انبعاثات الكربون الناتجة من عملية إنتاج مواد البناء، بما في ذلك استخراج المواد الخام، وعملية التصنيع اللاحقة لها ونقلها، ويمثل انبعاثات هذه المرحلة بأنها الانبعاثات الأولية، وقد اهتمت العديد من الهيئات والمؤسسات الصناعية لتحديد الكربون المنبعث من مواد البناء، ونشر عوامل الكربون المجسد لمنتجاتها في أوراق بيانات المنتج.

مرحلة البناء: The construction stage تشير مرحلة البناء، إلى الأنشطة بين مرحلتي التصنيع والتشغيل، ويوجد العديد من العوامل التي تؤثر على انبعاثات الكربون خلال هذه المرحلة مثل حجم المبنى، موقعه، نوعه، ونوعية الطاقة المستخدمة، والتصميم الإنشائي.

مرحلة التشغيل Operation stage The: تمثل مرحلة التشغيل بشكل عام أنشطة المستخدمين ومدى الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الطاقة اللازمة لتحقيق تلك الأنشطة، وتوجد عد عوامل تؤثر على كم الانبعاثات، مثل موقع المبنى، النشاط ومصادر الطاقة، وأعمال الصيانة التي تتم للمبنى.

في النهاية نجد أن لكل مرحلة من المراحل السابقة لها تأثيراتها النسبية طبقاً لمدي استهلاكها للطاقة، وعليه يكون ســلوك المبـاني عـديمـة الكربون هو من خلال إدراك كفاءة الطـاقـة المســــتخـدمـة في كـافـة مراحـل الرتبطة بالبنـاء، وهـذا من خلال نهج المبنى بـالكـامـل، حيـث يتم دمج التصــــميم والهنـدســــة المعمـاريـة ومواد البنـاء، لتقليل استخدام الطاقة قدر الإمكان، وبالتالي الانبعاثات الكربونية، أو تحسين أداء طاقة المبنى، وتقليل البصمة الكربونية لمواد البناء.

التركيز على إفريقيا:

على الرغم من أن قارة أفريقيا تمثل أقل نسبة من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، فإن اقتصاداتها السريعة النمو، وطموحاتها التنموية، وتزايد عدد سكانها بسرعة يعني أن استخدامها للطاقة سيزداد بشكل كبير في العقود القادمة، فمن المتوقع أن يصل عدد سكان إفريقيا إلى 2.4 مليار نسمة في عام 2050م، وسيحدث 80% من هذا النمو في المدن، كما إن ما يقدر بنحو 70% من مخزون المباني الإفريقية المتوقع لعام 2040م لم يتم بناؤه بعد، ومع ذلك فإن القارة شهدت زيادة حوالي 0.7 درجة مئوية، وهو الأمر الذي ظهر في صور كوارث طبيعية من سيول وفيضانات وغيرها من الكوارث العديدة، لذا فإن استخدام المواد البديلة مهم بشكل خاص لإفريقيا، كما على القطاع الإفريقي النظر في مواد البناء المستدامة وتقنيات التصميم التي تكون القارة غنية بها.

وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن الشأن الأفريقي في تلك المسألة يتسم بالعديد من التحديات:

(1) عدم التوازن في معادلة الطاقة الأفريقية، ولذلك نجد الاعتماد على إمدادات الطاقة التقليدية (الطاقة الأحفورية) والتي غالبًا ما تكون تقليدية (غير نظيفة)، وبذلك تسهم بشكل كبير في ارتفاع ​​التكاليف ومستويات انبعاثات الكربون.

(2) الاعتماد الكلي الكبير على الوقود الأحفوري (النفط والفحم والغاز الطبيعي)، ففي غالبية دول القارة السمراء على الرغم من وفرة الموارد المتجددة، يجب نشر ثقافة الطاقة المتجددة في جميع دول القارة، ولذلك تبنت 8 دول أفريقية على الأقل أهدافًا وطنية للطاقة المتجددة، والعمل على تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة.

(3) توافر النفط الخام في بعض دول القارة الأفريقية وعدم استقرار مستويات ومعدلات سقوط الأمطار، كلها عوامل تجعل لجوء الدول الأفريقية إلى سوق الكربون أمرًا ضروريًا.

ويقول أحدث تقرير إن إفريقيا غنية أيضاً بمصادر الطاقة المتجددة، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي يمكن للدول استخدامها لتشغيل مبانيها بشكل مستدام، حيث يوصي الحكومات الأفريقية بوضع قوانين إلزامية لطاقة البناء، وتحديد مسار لقوانين ومعايير البناء الخاصة بها، لتحقيق صافي الصفر في أقرب وقت ممكن. وبالتالي يجب على الحكومات الأفريقية والجهات الفاعلة غير الحكومية زيادة استثماراتها في كفاءة الطاقة، وأن يتم تنفيذ صناعات البناء والعقارات بإستراتيجيات خالية من الكربون للمباني الجديدة والقائمة، والتزام منتجي مواد البناء والتشييد بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال سلسلة القيمة الخاصة بها.

وبحسب التقرير، تحتاج الحكومات الأفريقية، إلى تنفيذ سياسات تعزز التحول إلى (اقتصاديات المواد الدائرية)، كما تحتاج إلى الاستثمار في بناء القدرات وسلاسل التوريد التي تعزز التصميمات الموفرة للطاقة والبناء المستدام والمنخفض الكربون.

وعلى هذا فإن ضمان توافق مسار التنمية في القارة مع انتقال الطاقة العادل يُمثل ضرورة أساسية لتحقيق أهداف المناخ العالمية، ورغم أن تلك المهمة عالية التكلفة، لكن سيؤدي نقل قطاع المباني والتشييد لمسار منخفض الكربون إلى إبطاء تغير المناخ، وتحقيق فوائد انتعاش اقتصادي قوية، لذلك يجب أن يكون بمثابة أولوية واضحة لجميع الحكومات الأفريقية.

التحكيم في منازعات عقود التشييد (3) ..... د. م. م. مالك دنقلا

Written By Amged Osman on الأحد، أكتوبر 09، 2022 | 6:00 ص

 التحكيم في منازعات عقود التشييد (3)

د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا



تناول الجزءان السابقان من هذا المقال إلماحة تاريخية عن نشأة التحكيم كوسيلة لفض النزاعات قبل اللجوء إلى القضاء، وتعرض لتعريف التحكيم، وما يمكن من اتخاذه من وسائل ودية قبل اللجوء إليه. كما وضح شروط اختيار المحكمين وطرق ردهم واستبدالهم، ثم أنواع التحكيم، ومزاياه وسلبياته، وآليات تنفيذه.

وههنا يستمر الحديث ليلقى مزيد من الضوء على هذه الوسيلة المهمة في حل النزاعات خاصة في مجال صناعة التشييد، لتتم الفائدة، ويصل المقال إلى توصيات مهمة.

إجراءات التحكيم:

يتبع في التحكيم في الغالب تقريباً نفس النظام المتبع في المحاكم من حيث المهل، وحجز القضية للتدقيق، ويشترط في ضبوط جلسات التحكيم أن تكون مكتوبة ومؤرخة وموقعة بشكل يشبه إلى حد كبير ضبوط الجلسات لدى المحاكم.

أولاً: التأكيد من وجود شرط تحكيم بالعقد.

ثانياً: في حالة عدم وجود شرط تحكيم لا بد من تحرير مشارطة تحكيم.

ثالثاً: في حاله استيفاء أحد الشرطين السابقين يتبع ما يلي:

1- يحرر طالب التحكيم خطاباً للمحكم الذي يختاره يخطره فيه بترشيحه محكماً، ويطلب منه موافقة كتابية على ذلك.

2- يتلقى المحتكم خطاباً من المحكم المرشح منه بقبول التحكيم.

3- يحرر طالب التحكيم طلب تحكيم يحدد فيه اسم المشروع والنزاع باختصار، ويطلب إحالة الأمر للتحكيم تنفيذاً لشرط التحكيم بالعقد، ويسمي مُحكمه وعنوانه، ويعطي المحتكم ضده فترة مناسبه لاختيار محكمه.

4- يحرر المحتكم ضده خطاباً للمحكم الذي يختاره يخطره فيه بترشيحه محكماً، ويطلب منه موافقته كتابياً على ذلك.

5- يرد المحكم المختار من المحتكم ضده على المحتكم ضده يخطره فيه بقبوله هذه المهمة.

6- يرد المحتكم ضده بقبول التحكيم وعنوانه، وفي حالة عدم رد المحتكم ضده على طلب التحكم يلجأ المحتكم إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع لتعين محكماً عنه تنفيذاً لشرط التحكيم بالعقد.

7- يتصل المحكمان ببعضهما ويحرران محضراً يعينان فيه المحكم المرجح.

8- يحرر المحكمان خطاباً للمحكم المرجح يخطرانه فيه باختباره محكماً مرجحاً، ويطلبان منه موافقة كتابية على قبول التحكيم.

9- يحرر المحكم المرجع خطاباً للمحكمين الآخرين بقبوله التحكيم.

وفي حاله عدم اتفاق المحكمين المختارين من طرفي النزاع على المحكم المرجح يلجأ إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع لاختيار المحكم المرجح.

10- يحدد المحكم المرجح موعداً لأولى جلسات التحكيم، ويخطر بها المحكمين الآخرين والخصوم.

11- تجتمع هيئة التحكيم في جلسة الإجراءات الأولى لتطلب من المحكمين إعداد مشارطة تحكيم أو تقديم بيان الدعوى مع تحديد برنامج زمني لإنهاء النزاع.

12- تستمر الجلسات مع إعطاء الخصوم حق الدفاع، بحيث يكون آخر من يتكلم أو يقدم مذكرات هو المدعي عليه.

13- يقفل باب المرافعة.

14- تعقد جلسات المداولة، ويحرر بها محاضر مع عدم إفشاء أسرارها.

15- يحرر رئيس هيئة التحكيم الحكم ويوقع عليه المحكمان، وإذا رفض أحد المحكمين التوقيع يثبت ذلك على الحكم وسبب رفض هذا المحكم للتوقيع.

16- يعلن الحكم في جلسة علنية، ويوقع كل خصم من الخصوم على استلام الحكم.

17- يقوم الخصم الذي صدر الحكم لصالحه بتقديم الحكم للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع لأخذ الصيغة التنفيذية عليه.

الشروط الواجب توافرها في أحكام المحكمين:

1- أن يصدر الحكم بعد المداولة، والمقصود بالمداولة تبادل الرأي بين المحكمين، ويجب أن تجري المداولة في سرية تامة.

2- أن يصدر الحكم بأغلبية الآراء.

3- أن يكون الحكم شاملاً لكل جوانب النزاع، ويجب ألا يحكم المحكمون بما لم يطلبه الخصوم.

4- أن يصدر الحكم وفقاً لقواعد القانون الذي يختاره الأطراف.

5- إذا لم يتفاوض المحكمون بالصلح فإنه يجب أن يُقضى وفقاً للقانون المتفق عليه بين أطراف النزاع.

6- أن يكون الحكم مكتوباً ومؤرخاً.

7- يجب أن يكون الحكم متوقعاً بين المحكمين.

8- يجب أن يكون الحكم مسبباً، إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك، أي يجب أن يتضمن من الأسباب ما يكفي لتمكين المحكمة التي تنظر دعوى البطلان أو تأمر بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم من مراقبه صحته وعدم مخالفته لقواعد النظام العام.

9- يجب أن يشتمل على ملخص أقوال الخصوم وطلباتهم ومستنداتهم.

10- يجب أن يتضمن الحكم أسماء المحكمين، وعناوينهم، وجنسياتهم، وصفاتهم في التحكيم وصفاتهم المهنية.

11- يجب أن يتضمن الحكم صورة من وثيقة التحكيم.

12- يجب أن يذكر في الحكم مكان الحكم.

الطعن في حكم المحكمين:

يتم الطعن في حكم المحكمين إذا توافرت أي من الأسباب الآتية:

1- عدم وجود اتفاق تحكيم.

2- وجود اتفاق تحكيم باطل، أو سقطت مدته.

3 - انعدام الرضا.

4 - انعدام الصفة (يوقع الاتفاق وكيل غير مزود بوكالة).

5- ألا يتضمن اتفاق التحكيم المسائل التي يشتملها التحكيم.

6 -سقوط اتفاق التحكيم لانتهاء مده التحكيم وصدور الحكم رغم ذلك.

7- إذا كان أحد أطراف التحكيم فاقد الأهلية أو ناقصها.

8- إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بإجراءات التحكيم، أو لأي سبب آخر، أو أخل المحكمون بحق الدفاع.

9- إذا استبعد حكم المحكمين تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه.

10- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم على وجه مخالف القانون، أو صدر الحكم عن محكمين لم يتفق عليهم الخصوم.

11- إذا فصل حكم المحكمين في مسائل لا يشتملها اتفاق التحكيم أو جاوز هذا الاتفاق.

12- إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أي خلا من البيانات الجوهرية به، مثل:

- خلوه من الأسباب.

- خلوه من التوقيعات.

- خروجه عن المعنى الظاهر للمستندات دون مبرر.

- خلوه من التاريخ.

- خلوه من أسماء الخصوم.

- خلوه من المنطوق.

- مخالفة حكم المحكمين النظام العام.

وترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال الـ 90 يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه، والذي يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعى البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم.

وتختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي محكمة الاستئناف، وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.

الالتماس في التحكيم:

يتم التماس إعادة النظر في الحكم للأسباب الآتية:

1- إذا بني الحكم على أوراق ثبت فيما بعد تزويرها.

2- ظهور أوراق قاطعة في الدعوي بعد صدور الحكم (وكان الخصم المحكوم له قد احتجزها أو حال دون تقديمها).

3- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو أكثر مما طلبوه.

4- إذا كان منطوق الحكم قد صدر مناقضاً بعضه لبعض.

5- الحكم على شخص لم يتمثل تمثيلاً قانونياً صحيحاً في الدعوى.

حكم المحكم:

يعد حكم المحكمين حكماً له من القوة والإلزام ما للأحكام التي تصدر عن المحاكم، ويتطلب حكم المحكمين في القضايا المدنية إكساء حكم المحكمين الصيغة التنفيذية من قبل المحكمة المختصة لإمكان تنفيذه جبراً.

ينفذ حكم التحكيم كما لو كان حكماً نهائياً واجب النفاذ صادر من أحد المحاكم، ويتمتع بجميع الضمانات المقررة بموجب نفاذ الأحكام الوطنية، ويصادق عليه من المحكمة، وبعد التصديق ينفذ على الطرفين.

أما إذا اعترض عليه طرف فعليه العودة إلى القضاء في مراحل معينة أعلى من مراحل البداية، حيث يسمح بالطعن في قرار المحكم.

من هنا فإن قرار مجلس التحكيم في المنازعات يعد ملزمًا، ويلزم الأطراف الامتثال له على الفور، ما لم يتم تعديله من خلال إجراء التوفيق أو قرار التحكيم، ولدى الطرف 28 يومًا لرفض القرار عن طريق إخطار الطرف الآخر.

إذا تم قبول القرار، يصبح نهائيًا، أما إذا كان أحد الأطراف غير راضٍ عن القرار، فيجب على الأطراف محاولة حل المشكلة وديًا، وإذا فشل ذلك، يجب بعد ذلك الفصل في النزاع والذي بموجب البند 20.6، يتم إجراؤه وفقًا لقواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية من قبل لجنة من ثلاثة محكمين، باللغة التي يحددها الأطراف، ومع ذلك، فللأطراف الحرية في النص في الشروط الخاصة على أن المنازعات يجب أن يتم الفصل فيها من قبل محكمة الولاية بدلاً من التحكيم.

توصيات:

- يجب استخدام نماذج عقود (الفيديك) في أعمال البناء، وذلك لتخفيف وتجنب المطالبات، ومساعدة طرفي التعاقد في الحصول على حقوق متوازنة وإجراءات واضحة عند حدوث المنازعات والمطالبات.

- تطوير ونشر أسس الإستراتيجيات والأساليب المقترحة للتقليل من الاختلافات والمطالبات والتحكم فيها، من أجل تطوير أدوات إضافية للتقليل منها.

- نشر الوعي في كيفية إعداد شرط التحكيم الذي يؤدي إلى فض النزاع في سهولة ويسر.

توفير المعلومات الكافية لرجال الأعمال والمقاولين والمهندسين عن التحكيم ومميزاته وإجراءاته والمحكمين المؤهلين للتخصصات المختلفة في القضايا التحكيمية.

- العمل على تطوير المهنيين والموارد البشرية؛ مما يساعد بشكل فعال في تجنب وتخفيف الكثير من المنازعات قدر الإمكان في المراحل المبكرة من صناعة البناء.

- يجب اتفاق جميع أطراف العقود على آلية معينة مقيّدة بزمن خلال مرحلة المناقصة أو التفاوض، بحيث تكون قبل ترسية المناقصة، والتوقيع عليها، أو بالتزامن معها.

- تعيين محكّم أو محكمين يمثلون أطراف العقد، تحت مسمى «لجنة التحكيم الدائمة»، التي تجتمع بانتظام أو عند توجيه الدعوة إليها خلال مراحل الإنشاء والصيانة، وفقاً لطبيعة وصعوبة المشروع قيد التنفيذ، و«هيئة التحكيم المقيدة بزمن» لها العديد من المزايا، مثل المراقبة، والتقييم الحقيقي لتطور وسير العمل خلال مرحلة الإنشاء، مقارنة بالتقييم الافتراضي والمتأخر بعد إنجاز الأعمال، فضلاً عن التوصل إلى حلول ناجزة وحاسمة ونهائية للنزاعات في حال نشوبها، والحد من إهدار الوقت في إجراءات التقاضي والتحكيم العادية، إضافة إلى الحد من التكاليف والوقت الضائع في متابعة النزاعات لفترات طويلة.

- نظراً لاشتمال عقود البناء والتشييد على جوانب فنية ومسائل قانونية يقتضي تشكيل هيئة التحكيم من خليط من الخبرات الفنية والهندسية والقانونية، على نحو يعكس مختلف التخصصات التي يتضمنها النزاع المطروح على التحكيم.

 - من الأوفق أن يترأس هيئة التحكيم أحد رجال القانون الذي يسمح له تخصصه بالحرص على سلامة الإجراءات، على أن يراعى عند اختيار رئيس هيئة التحكيم من رجال القانون أن يتوفر لديه خلفية عن صناعة البناء والتشييد وأعرافها.

- إعداد مشارطة تحكيم مسبقة يوقعها أطراف العقد، تتناول طلبات الأطراف في طرح عقود الإنشاءات، وتحديد الإجراءات وسلطات هيئة التحكيم، والقواعد الواجبة التطبيق على الإجراءات وموضوع النزاع ومدة التحكيم، وموضوعات تقديم المذكرات والمستندات لسد جميع الثغرات حال وقوع نزاع خلال تنفيذ العقد.

- إقناع أطراف العقد بأهمية اتباع نظام محكم لإجراءات التحكيم يتعهد كل طرف منهم بالتزامه واحترامه، ما لم يقدم مبرراً مقبولاً لتعديله وتوافق عليه هيئة التحكيم.

- اتباع نظام محكم يسمح باستدعاء المستند والتحقيق من اتصاله بالنزاع، والسماح بوقت معقول للوصول إلى المستندات والوثائق والرسومات الواضحة والكاملة من قبل أطراف العقد؛ حيث تبرز صعوبة التعامل مع تحكيمات منازعات عقود الإنشاءات في ضخامة وتنوع المستندات المطلوبة.

- العمل على عقد دورات تدريبية ومؤتمرات وندوات دولية؛ وذلك لإعداد جيل جديد من المحكمين في نزاعات العقود الهندسية من البلاد العربية والإفريقية.

- نشر أحكام التحكيم التي تصدر عن مراكز التحكيم المختلفة؛ ليستعيد المقاولون والمهندسون الثقة في التحكيم كوسيلة مهمة لفض المنازعات.

- ضرورة تأهيل المحكمين تأهيلاً قانونياً وفنياً لرفع كفاءة المحكمين.

- وضع الضوابط لعدم تعيين محكمين إلا من قوائم المحكمين المعتمدة.

- وضع قائمة لمحكمين مؤهلين متطوعين يعينون عن المتخاصمين الذين لا يستطيعون الوفاء بأتعاب التحكيم قبل بدء النزاع، على أن تسدد أتعابهم بعد حصول الصادر الحكم لصالحه مع وضع الضمانات اللازمة لذلك.

- عدم مغالاة المحكمين في أتعاب التحكيم، وبالتالي انخفاض أتعاب التحكيم.

وأخيراً، ونظراً لتداعيات الاقتصاد العالمي نتيجة الأزمات التي يمر بها العالم، والتي قد تؤثر بشكل كبير على قطاع التشييد في السنوات القادمة، فإنه يجب الاستعداد لذلك بضرورة إنشاء كيانات ومراكز تحكيمية قوية تكون موحدة وتجتمع عليها جميع الأطراف، ويعمل بها أفضل العناصر في المجالين الهندسي والقانوني حتى تستطيع التدخل في الوقت المناسب لفض النزاعات الهندسية بشكل احترافي وسريع، وحتى لا تتأثر صناعة التشييد والفئات المرتبطة بها في وطننا العربي وقارتنا الإفريقية.

والله ولي التوفيق،،،

 

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger