الرئيسية » » مدني.. بعيون طفل وذاكرة رجل

مدني.. بعيون طفل وذاكرة رجل

Written By Admin on الأربعاء، أغسطس 06، 2014 | 7:04 م

نقلا عن الميدان 6 يوليو 014

في كتابه الشيق (مدني.. بعيون طفل وذاكرة رجل) يوثق المهندس المعماري عبد الرحيم سالم لنشأة وتاريخ وتطور وحياة أحد أعرق المدن والعواصم السودانية، مستعرضاً الدور النهضوي لمدينة ودمدني في الحياة السودانية اجتماعياً وثقافياً وسياسياً وفنياً، ويؤرخ لمواطنيها في شتى ضروب المعرفة والنشاط والحياة، من الذين ساهموا ببصماتهم الواضحة في تاريخ تلك المدينة العريقة والسودان بأجمعه.

وبسلاسة أدبية رفيعة يستعرض القاص والأديب السوداني أحمد الفضل أحمد، ابن مدني وحواريها وأحد الأعضاء البارزين لرابطة الجزيرة الأدبية، ضمن مقال صحفي بعض أجزاء من الكتاب، مضفياً عليه اضاءات باسلوبه القصصي الشيق.

تقابة القرآن ونشأة العمران
تابع المؤلف عبد الرحيم سالم بداية التكون الجنيني لمدينة ودمدني، مشيراً إلى أن الولي الصالح محمد بن مدني بن دشين، قاضي العدالة في العهد السناري قد نزل تلك المنطقة التي تعرف الآن بودمدني، وذلك باشارة من صديقة العارف بالله دفع الله العركي، حيث أوقد فيها (تقابة للقرآن) فجاؤه الدارسون للعلم وتجويد القرآن الكريم ( ثم شادوا الأعشاش والقطاطي وبيوت الجص)، ورويداً رويداً ظهر في حياة تلك المنطقة ونتيجة لاشعاع الفكر الديني الشعبي الذي جاء به قاضي العدالة محمد ودمدني، عدد من المشائخ الكرام ( سعدابي بن الشيخ شرف الدين وأبو شبكة وأبو دواية ومحمد ود كنان والمنشد وعبد السيد)، اضافة للعديد من رجالات الطرق الصوفية، كأحمدية الشيخ عبد العاطي وختمية الخليفة هاشم العبادي وزوايا الاسماعيلية الهوارة والخزرجية والسمانية والقادرية والتيجانية.

بدأ التخطيط لمينة ودمدني عام 1898 مع بدايات الحكم الثنائي، فشمل الحي البريطاني وشرق المدينة والمديرية والسوق والقسم الأول، حيث مساكن التجار من الجاليات الأجنبية، أغاريق وهنود وشوام ومواليد مغاربة ومصريين، فاهتم الانجليز بتخطيط هذا الحي وغرس الأشجار والزهور على ميادينه الخضراء، ومن ثم نمت المدينة (وامتدت اليوم على قوس النهر وتجاوزت الحدود القديمة جنوب السكة حديد وشرق النهر) حتى قرية الكريبة غرباً.

وفي تعليقه على أسماء العائلات التي ذكرها المؤلف، يقول القاص أحمد الفضل أحمد أنه لا يمكن اغفال ذكر أسماء تلك الشخصيات التي تأسست بها شخصية ودمدني المدينة، حيث أشار لعدد من أشهر أبناء المدينة الذين تركوا بصماتهم على حياة ودمدني( الحاج حيتقول وأولاده، أولاد أبو السعود، الحاج يوسف الأحمر، الأمين ود الماحي، إبراهيم ود الأمين، عبد الحفيظ علي عبيد، بدوي أحمد البدوي، الشيخ سليمان ود شحاتة، عبد القادر عباس(قدور) محمد يوسف العجوة، محمد عبد الرحمن الدفعة، الجاد ود حسين، عبد الوهاب ود الهلالية، ود النوساني، الأمين سعدابي، الحاج اسماعيل، الخليفة حسن ود السني، وآخرون).

أهلها الأصليون
تحدث المؤلف عن أحياء المدينة، حيث أشار إلى مجموعة (الديرانية) أو ( الدونية) وهي المجموعات التي نزحت من صعيد مصر وامتهن آباؤهم زراعة الجروف على النيل والجزائر قديماً، ثم برزوا في مجالات مهنية وحرفية أخرى، ومازالوا يحتفظون بالحمية الصعيدية.

وقال أن بعض الأحياء في (ودمدني) سميت على القبائل كالبصيلية الاسوائلية والمغاربة في أحياء المربوع (والبحرية والدناقلة والسناهير والنضيراب والحريباب وفريق أبقسي وفريق الحلب الديرانية والمتمة البيان والعشيرة والدباغة. ومن الجنوب ديم المفتش أو الحلة الجديدة والذي أقيم في نهاية الثلاثينات والأحياء الحديثة، الحدرية، شندي فوق، جبرونا وحي الصقور والثورة ودردق، مشيراً إلى أن هذا القسم يشمل سكان مدني الأصليين وهم خليط من القبائل والصناعات الحرفية والمهنية( صغار التجار من الوسطاء والسبابة والاسكافية والنجارين والخراطين والحدادين والجزارين والخضرجية وصائدي الأسماك.

ويشير إلى أن زراعة الجروف على النيل تخصص فيها (الديرانية) ثم الخياطة والسمكرة والنقاشة، إلى جانب صغار الموظفين والعمال . وكان السوق الكبير يعج بالتجار الأجانب من الأغاريق ( كوستاريدس ليمونس) والأرمن ( خريللو وجونو ومكرم وجبر الله) والشوام( بشير خياط وجان والياس حوزن والياس اليني ونعيم نصار وديمون صقال) ومن الهنود( هركسنداس قوشال وواشنجي وشوتال وجو وقاد ريلان).

ضجيج يماثل الحسينية وخان الخليلي
يعج سوق مدني بالمقاهي الشعبية والأفرنجية والحلوانيات وعدد من كبار التجار والوطنيين( أحمد وإبراهيم رمضان، أحمد البوشي، أولاد عامر الجاك، رمضان الفرنساوي، أحمد عبد الرحم نقد الله، إبراهيم الريح، أحمد عمر الحضري، محمد أحمد عبد السلام، علي الزبير، مصطفى العجباني، عبد الله الدالي، حسن جحا، بادي محمد بادي، عبد الرحمن سعد، أمين المرضي، عوض الكريم الخواض، أولاد محمد الكشاف، الأمين اسماعيل، أولاد أبو عيسى، الأمين الحاج، أحمد محمد الأمين سنهوري، أبو عاقلة خوجلي، يوسف أبو الروس)، كما يحتوي السوق على عدد من الشركات الأجنبية( سودان ميركانتايل، جلاتلي هانكي، ميتشل كوتس) وبعض البنوك مثل باركليز والبنك الأهلي المصري إضافة لسوق الصنايعية ( المراكيب، السمكرجية، الحلاقين، سوق الفاكهة والخضر، المنطقة الصناعية، مواقف التاكسي، المغالق، محلات التصوير وأشهرها محل (فرح الأطرش) علماً بأن السلطات لم تكن تسمح بمنح رخص لمتاجر في الأحياء القريبة من السوق.

ويضيف أحمد الفضل أحمد بأن هناك معلم أخرى من المدينة في هذا الجانب، من التي لم يتعرض لها مؤلف الكتاب عن ود مدني، حيث القى بعض الأضواء على السوق الرئيسي للمدينة في العهد القديم في منطقة أم سويقو، مشيراً إلى مجموعات مجموعات بقالات اليمانية المنتشرة على نواحي تلك الأحياء، وحولها ضرائح الأولياء الصالحين، وأشهر مطاحن الدقيق، والسوق الشعبي العامر بمحلات العطارة وقلي السمك والحلاقين ومخابز اليمانية وجملون سوق النساء وأشهرهن حاجة ( أم شان) وحاجة ( حلاوة) والدة ( عوض حلاوة) أشهر فتوات مدينة ودمدني!.

كما تحدث المؤلف عن مكتبات المدينة العامرة كفكتوريا( سودان بوكشوب) وسيد مضوي والمكتبة الوطنية لصاحبها عيسى عبد الله، الذي قال عنها القاص أحمد الفضل أحمد في معرض إضاءته للكتاب أن أثرها كان واضحاً في الثقافة العامة ودورها رائداً لأجيال الخمسينات والستينات، حيث كان صاحبها ( نشيطاً ومنفتحاً على دور النشر العربية في القاهرة وبيروت وبأحدث الاصدارات من كتب ومجلات) وقال أن نشاطها حالياً ( قد توقف إلا قليلاً)!.


شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger