الرئيسية » » رصد ردود الأفعال المصرية على بيع المياه النقية للخليج

رصد ردود الأفعال المصرية على بيع المياه النقية للخليج

Written By Amged Osman on الأربعاء، يونيو 04، 2014 | 9:42 م

صحيفة اليوم التالي

التصريح الذي أدلى به جودة الله عثمان مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم أمس الأول (الاثنين) أن الهيئة تخطط لتصدير المياه النقية إلى دول الخليج مستقبلا، بالاعتماد على مياه نهر النيل أثار ردود أفعال غاضبة في وسائل الإعلام المصرية، وأفردت الصحف المصرية أمس (الثلاثاء) عناوين عريضة على صدر صفحاتها للرد على حديث جودة الله، ففي صحف (روز اليوسف، الأخبار، المسائية واليوم السابع) جاءت العناوين: "السودان يخطط لتصدير مياه النيل للخليج- السودان يخطط لتصدير مياه النيل ومصر ترفض- الخرطوم تعرض بيع جزء من حصتها للخليج ومصر ترفض- مسؤول سوداني: نخطط لتصدير المياه لدول الخليج- مسؤول مصري: مصر ترفض نقل المياه خارج الأحواض المشتركة- مصدر حكومي مصري: هذه التصريحات من السودان في الوقت الحالي لا تعبر عن الموقف المعلن في شأن قضايا مياه النيل- مصدر حكومي: الخطوة تأتي في شكل تصعيد من الجانب السوداني- الأكاديمي المصري مغاوري شحاتة: هذه التصريحات تهدف للوقيعة بين مصر والسعودية، في رد فعل غاضب ومبالغ فيه اعتبره بعض الخبراء والمسؤولين موقفا سودانيا معلنا، وهذا يعكس مدى التوتر المصري وحساسية المصريين من أي تناول يخص مياه النيل.

وفي السياق، أكد حسن عربي القائم بأعمال السفارة السودانية بالقاهرة أنه لا يحق لمدير هيئة مياه الخرطوم التصريح بمثل هذا الحديث، وقال عربي لـ(اليوم التالي) إن العلاقة بين مصر والسودان وطيدة وعميقة، وأن مثل هذه التصريحات من شأنها إثارة البلبلة، في حين قال مصدر دبلوماسي سوداني إن المقترح مجرد دراسة سعودية تعرض مدى إمكانية الاستفادة من مياه النيل وفق الاتفاقيات الدولية، وقال المصدر لـ( اليوم التالي) إن دول الحوض لا يمكنها تصدير المياه خارجها إلا بموافقة جماعية من دول الحوض، مؤكدا أن السودان ملتزم بالاتفاقيات، وأنه لا يصح أن يبنى الحديث على دراسة أكاديمية تقدم مقترحات بشأن المياه.

كما ركزت وسائل إعلام مصرية على الدراسة السعودية التي اقترحت في ديسمبر الماضي إنشاء مشروع تجريبي يمكِّن السعودية من استيراد المياه من السودان لتغذية المياه الجوفية التي نضبت في منطقة نجران، وذلك بالتعاون بين وزارتي الزراعة والمياه والكهرباء السعوديتين، وأن الدراسة السعودية خلصت إلى أهمية النظر إلى المياه باعتبارها مشكلة عالمية وإقليمية، وتفعيل التعاون الإقليمي والدولي لحلها من خلال استيراد المياه وفق اتفاقات دولية.

من جهته قال د. إبراهيم نصر الدين الأستاذ بمعهد البحوث الأفريقية والخبير الأفريقي المعروف إنه لا يجب أن يكون هناك رد فعل مصري على هذا الحديث لأنه مستحيل تحقيقه. وأضاف نصر الدين لـ( اليوم التالي) كيف يمكن أن تنفذ هذه الدراسة من الناحية الفنية، وكيف يمكن أن تعبر المياه البحر الأحمر وجباله، فالأوفر للسعودية والخليج تنقية مياه البحر عن نقل المياه بهذه الطريقة، وتابع: من الناحية القانونية لا يجوز هذا الأمر، ومن الناحية السياسية يفترض إجماع دول الحوض على ذلك، ومن الصعوبة تحقيقه، منوها أن هذا الحديث عبثي، وفسر رد الفعل المصري الواسع بأنه ربما لإثارة حفيظة السعودية ودول الخليج للعدول عن هذا الأمر.

ولفت هاني رسلان مدير وحدة السودان بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن هناك شكا في صلاحية مدير هيئة المياه للإدلاء بمثل هذه التصريحات، لأن المياه شأن مركزي ومسؤول عنه وزارة المياه والكهرباء، وعملية تصدير المياه تقع في صلاحيات الوزارة المختصة، مؤكدا أن تصدير المياه لخارج حوض النيل مسألة مخالفة للقانون الدولي، ولا يمكن نقل مياه النيل خارج حوض النيل إلا بموافقة جماعية مكتوبة من دول الحوض، مضيفا أن السودان وصل إلى سقف حصته المائية، وأن السودان ليس غنيا بالمياه كما يتصور البعض، لأن هناك مناطق كثيرة تعاني من العطش في دارفور، فالأولى أن يكافحوا العطش.

وتؤشر تداعيات حديث مدير المياه إلى أن العلاقات بين مصر والسودان تعاني حساسية بالغة، إذ تم إبراز تصريح صغير لا يعبر عن موقف سياسي إعلاميا وكأنه رؤية استراتيجية لأحد الطرفين ليقابل ذلك بموجات من ردود الفعل غير المدروسة أحيانا والاستفزازية أحيانا أخرى، لتبقى العلاقات رهينة هذا النطاق والأفق الضيق بين وسائل الإعلام في البلدين، وكأنها تدور في مستطيل للعبة تنس أطول أقصر ملعب كما يصفونها، كل لاعب يلقي بكرته ليرى رد فعل أقوى من الفعل. ويلقى هذا الأمر بعبء كبير على الإدارة والرئيس المصري الجديد يتطلب ضرورة حسم مثل هذه المهاترات الإعلامية إذا كانت هناك إرادة سياسية صادقة بالخروج بالعلاقات من هذا النفق الضيق، ويقابل ذلك بتفهم ورد فعل من الخرطوم على نفس المستوى، حتى لا نفاجئ أنفسنا في هذه الحالة من الشد والجذب تأخذنا إلى نقاط ما قبل الصفر في العلاقة بيننا.
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger