الرئيسية » » مشروع الجزيرة .. تدمير مع سبق الإصرار - م.م. آدم عبد الله دفع الله

مشروع الجزيرة .. تدمير مع سبق الإصرار - م.م. آدم عبد الله دفع الله

Written By sudaconTube on السبت، مايو 03، 2014 | 8:22 م

السوداني - المهندس المستشار: آدم عبد الله دفع الله *

(1)

تناول كثير من الكتاب والنقاد والعلماء وأصحاب المصلحة الحقيقية شأن مشروع الجزيرة وتوصل كثير منهم إلى ماتوصلوا إليه من مشفق على ما آل عليه ومن مدافع عما حدث ومن آمل فى ثورة وإصلاح وعدت به النهضة الزراعية ووعد به مجلس إدارة المشروع، ولكل منطلقه ووجهة نظره، ومادفعني أن أشارك برأي كواحد من أبناء المشروع العظيم وابن أحد أوائل المزارعين بالمشروع ، وكمزارع ورثت حواشة والدي بمشروع الجزيرة، وكخادم للمشروع فور تخرجي في الجامعة حيث اسهمت بفكري وجهدي حتى تدرجت في سلم وظائفه ولمدة 32 عاماً في مجالات العمل الهندسي في التعمير وفي العمل الإداري بكل ضروبه.

أبدأ أولاً بالمؤسسات التي تمت تصفيتها كأحد إدارييها ومساهماً في بنائها حيث إنني أعتقد أن كل مشروع زراعي صناعي أو اقتصادي يحتاج إلى البنيات الأساسية من أرض وماء ومبانٍ وكهرباء وآليات ومعدات بمواصفات محدودة تناسب الغرض المطلوب، فالمشروع الزراعي يحتاج أولاً إلى الأرض والماء والجرار والعربات والورش والمعدات الزراعية للحرث والري والزراعة وما يتطلبه العمل الزراعى من نثر السماد والمبيدات المختلفة، ويحتاج إلى أنواع مختلفة لتجهيز الأرض من تسطيح وتسريب وتخطيط لتنظيم ريها ، ثم إدارة هذه الأعمال الخاصة بالأرض وبالري، ويحتاج المشروع إلى معاملة المحاصيل من حصاد وتخزين وترحيل وفي بعض الأحيان تصنيع كل ذلك يحتاج إلى علم الهندسة الميكانيكية والمدنية والكهربائية.

(2)

ولكن لينظر القارئ معي إلى ما تم في مشروع الجزيرة، فمنذ سبعينيات القرن الماضي حيث تقرر في مشروع الجزيرة التخلص من مهنة الهندسة أي والله والتخلص من هذه المهنة بدأت بكبار المهندسين المميزين ( قدال، كشة، بشير شوقي، صديق محمد أحمد، خالد مختار،محمد الطيب، آدم عبد الله ،وبقيتهم من خيرة المساعدين وأميز الكوادر الهندسية المساعدة أمثال، بشرى السيد ويسين الصديق وبشير شكور وغيرهم، ولما تم ذلك بدأ التفكير في البنيات الأساسية فقام المسؤولون بالتخلص من سكة حديد الجزيرة التي كانت هي شريان توصيل المدخلات من أطراف المشروع وترحيل المنتجات إلى داخل المشروع، وقد صدمنا ونحن نرى في ودمدني قاطرات السكة الحديد محولة على القندرانات إلى جهة غيرمعلومة، وسمعنا الكثير من بعثرة القضبان وتفكيكها ودخولها للقرى سقوفات للمنازل! بعدما كانت السكة الحديد من أفضل المؤسسات بالمشروع، ولا أنسى وأنا مدير الإدارة الهندسية التقارير التي كان يرفعها قسم التحليل المالي بالمشروع ورئيسه، حسن أحمد عمر، وكيف كان يوافني باقتصاديات كل قاطرة كم كيلو سحبت وكم كلفت من أجور ومحروقات وصيانة وكانت هذه البيانات تشير بوضوح إلى مستوى الكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة لترحيل مدخلات الإنتاج من سماد وخيش والمنتجات القطنية إلى محالج مارنجان والحصاحيصا والباقير.

(3)

ثم كان الدور على الهندسة الزراعية والتي كانت تقوم بكل أعمال الأراضي من حرث عميق وتسطيح وتسريب وحرث أبو عشرينات ونثر السماد والمبيدات الحشائشية وتقوم بذلك من بداية من نوفمبر من كل عام فور توقف فصل الخريف وتنجزه بكفاءة كنت أشهدها في الاجتماعات الشهرية للمصلحة والتي تراجع وتحاسب كل فرقة على ما أنجزت وما صرفت من الوقود والكفاءة المطلوبة كل ذلك لم يشفع للهندسة الزراعية لأن الفكرة كانت هي التخلص من كل ما يمت إلى الهندسة بصلة.

(4)

وآخر المآسي إبعاد وزارة الري عن إشرافها على أعمال الري بمشروع الجزيرة، وزارة الري التي تضم أكفأ مهندسي الري بالعالم العربي والإفريقي والتي قامت بتأسيس كل المشاريع الزراعية بالبلاد وكيف استعيض عنها بأجهزة أثبتت عجزها التام وبدأ التفكير بدعمها بأجهزة رقابية من خارج المشروع ..لا علم كم ستكلف المزارع.. نفس العمل الذى كان يقوم به غفير الترعة من فتح لصناديق الترع وفتح لأبواب أبو عشرينات، أما المحالج والقطن طويل التيلة ومتوسطها وقصيرها فقد مل المزارعون وأنا منهم من تدني عائداتها وذلك بسبب التكسب من ورائه ومن محاسبة سعر صرفها للمزارع بأقل من سعر السوق ومخازن مشروع الجزيرة ببورتسودان التي كان يحفظ فيها القطن قبل تصديره والتي بلغت 40 مخزناً مقاس كل واحد 40 ألف متر مربع فقد ذابت في جهة ما ولا يعرف المزارعون ما آلت إليه وهي ملك لهم.

(5)

أما التصنيع الزراعي بمشروع الجزيرة والذي بدأ مع مستر هبيرن في أوائل الخمسينات من القرن الماضي واستطاع بأبحاثه أن يستخرج من سيقان القطن بذرة صنع منها ألواح الكرتون والورق وجوالات الخيش ومن بذرة القطن التي كانت تسمى القلقل استخرج زيت الطعام وعلف الماشية واستطاع بعده المهندس المرحوم حسين عمر كشة أن يطور التصنيع الزراعي لتصنيع الطماطم وقشر الفول وبعده استطاع المهندس يسين الصديق رحمه الله أن يبعث تصنيع الورق والكرتون ولكن لسوء الحظ بيعت جملونات التصنيع الزراعي ومعمل التصنيع الزراعي للخيش والكرتون بالمزاد العلني .

* نائب محافظ مشروع الجزيرة السابق

شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger