الرئيسية » » اكتملت تعلية خزان الرصيرص... أين نحن من الاستفادة منها؟!

اكتملت تعلية خزان الرصيرص... أين نحن من الاستفادة منها؟!

Written By Admin on الخميس، ديسمبر 27، 2012 | 5:26 م

د. بابكر محمد توم *

بحمد الله وتوفيقه وبعد جهد جهيد وزمن طويل زاد عن خمسة عقود اكتملت تعلية سد الرصيرص.... هذا السد الذي اكتملت المرحلة الأولي منه في منتصف الستينيات وقامت بتنفيذه وقتها عدد من الشركات العالمية...
إذ في ذلك الوقت لم تكن لدينا شركات محلية مؤهلة للعمل فيه ماعدا بعض شركات الخدمات البسيطة التي أفادت المنطقة بتشغيل عدد مقدر من السكان وكانت سبباً في أحياء وظهور مدينة الدمازين التي كانت قرية عادية في ذلك الوقت تقع على الضفة الاخرى من النيل الأزرق قبالة الرصيرص لذلك كان من أول نتائج قيام ذلك المشروع بروز مدن وتجمعات جديدة من العمال والتجار الذين جاءت بهم النهضة التي أحدثها بناء الخزان في منطقة لم يكن بها كثير من العمران وبذلك "عمرت" وقامت مدينة الدمازين التي سكنها الناس المرتبطون بالنشاط الاقتصادي الكبير الذي أحدثه إنشاء الخزان وتوليد الكهرباء والمشاريع المصاحبة الأخرى وانتشرت منافع بناء الخزان وتوابعه حتى الجزيرة عبوراً بسنار وغيرها كذلك أحدثت التعلية هذه تنمية محلية ضخمة وكان طموح الجميع أن تتم المرحلة الخاصة بالتعلية سريعاً حتى تستفيد البلاد الفائدة المرجوة من الخزان إذ أن الخزان في بدايته كان يشمل التعلية التي تزيد من المساحات المروية بعد اكتمال المناقل وامتدادها ومشروع الرهد بامتداده والسوكى وامتداده والامتدادات الأخرى بشرق الجزيرة والتي تقدر المساحة المستهدفة الآن بـ 2 مليون فدان لذلك فان التعلية تعني توفير مياه لتوسعات كبيرة في المنطقة الممتدة من جنوب النيل الأزرق مروراً بمشاريع ولاية سنار ومشاريع السكر وغيرها في شرق الجزيرة وهى جماع فرص عظيمة لتوفير مياه مستدامة لأي مشروعات استثمار زراعي وطاقة ليس هنا في وسط السودان بل أيضاً لزيادة تغذية النيل حتى سد مروي أو على الأقل عدم حبس أي مياه مطلوبة لسد مروي لان الحديث الآن عن أن بعض المياه التي كانت بعض المشروعات الزراعية بحاجة لها في الموسم الصيفي لم تتوفر كما هو مطلوب وربما حولت إلى سد مروى أو غيره كما جاء في الإعلام – أي أن سد الرصيرص سوف يكون ضماناً لتوفر مستمر للمياه طوال العام للموسمين الشتوي والصيفي إن شاء الله... وليس فقط لمياه الري بل أيضا لمياه توليد الطاقة الكهربائية...

أن إكمال مرحلة التعلية الذي تأخر كثيراً والذي يجب أن تصاحبه دراسات حديثة حول استخدامات المياه المتوفرة من خلاله وليس فقط الاعتماد علي دراسات عتيقة لمشروعات تقليدية كالتي هي قائمة الآن في السوكي و الرهد وغيرها والتي ربما تغيرت اقتصادياتها بفعل تغير وتطور الأزمان ومردودها الاقتصادي والاجتماعي بعد كل هذه السنوات بحاجة إلي مراجعة بحسب مستجدات الاستثمار من حولنا. ولضعف مردودها الاقتصادي من بعد أكثر من خمسين عاما مضت على قيام مشاريع السوكي و الرهد والمساحات الواسعة التي تزرع كل عام بالقطن والذرة وربما الفول السوداني... هل عائد هذه السلع في الوقت الحاضر هل مجزٍ للدولة والاقتصاد أم أن السوق العالمي ومقتضيات التنافس التجاري والاستثمار ومتغيرات التجارة الإقليمية والعالمية وقد تغيرت وكان علينا إعادة دراسة جدوى هذه السلع محورة أو غير محورة... وهل بالضرورة أن تكون الامتدادات المقترحة قبل عقود تستثمر في زراعة نفس السلع التي تغير الطلب عليها وتغيرت أنماط إنتاجها أم الأفضل أن تتجه إلى استخدامات أفضل وسلع بديلة والعالم كله يتحدث عن التنوع في السلع وخير مثال الاستثمارات الكبرى الآن في الري المحوري لقد تحدث السيد/ مهاتير محمد رئيس ماليزيا السابق في ندوته الأخيرة بالخرطوم عن كيف أن بلاده ركزت على سلعة المطاط وغزت بها العالم أليست هناك دروس مستفادة من حديثه حول التركيز على سلعة معينة لتطوير الإنتاج وتحديد أساليب وتحفيز المنتجين والاهتمام بالاقتصاد الحقيقي الذي يشمل الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي وتركيز الاهتمام حوله بدل من أن تكون سياستنا الاقتصادية يمليها علينا البنك المركزي والخوف من التضخم وتوجيه الموارد نحو الأوراق المالية وشهامة والاحتياطي النقدي الذي يجعل معظم الأموال "السيولة" داخل القطاع المالي ويذهب الفتات نحو القطاعات الإنتاجية.

أن تعلية سد الرصيرص تفرض علينا مزيدا من الاهتمام بإعداد دراسات مستوفاة عن المساحات المتاحة والامتدادات لكل المشروعات القائمة وتقييم جدوى الاستفادة منها بل وعرضها على الاستثمار الأجنبي الذي تتوفر لديه الموارد والخبرات والتقانات ولكن كيف يتم ذلك وقانون الاستثمار الجديد المقترح والذي فيه كثير من المعالجات لبعض المعوقات التي يعيشها المستثمرون من إجراءات بروقراطية معوقة وإجراءات مطولة وتقاطع في القوانين من الولائية والاتحادية وبعض المعالجات لبعض المشاكل الظرفية التي يعيشها السودان هذا القانون أو مشروع القانون ظل حبيس الأدراج لأكثر من عام بعد أن تمت دراسته باستفاضة وتم نقاشه بما فيه الكفاية مع معظم القطاعات وبخاصة اتحادات أصحاب العمل حتى يقدم هذا القانون للإجازة... الم يلحظ الإخوة في المجلس الاعلى للاستثمار تحول بعض الاستثمارات الإقليمية نحو أثيوبيا بدل السودان ليس ذلك فحسب الم يلحظ الاخوة هؤلاء تحول كثير من السودانيين إلى الاستثمار في أثيوبيا التي يمكن أن تكمل فيها إجراءات تصديق المشروع الاستثماري في يوم واحد... إننا بحاجة ماسة لتعظيم فوائد البلاد من تعلية خزان الرصيرص الذي جاءنا هبة من السماء بعد طول انتظار وشكراً لكل الذين سهروا وجاهدوا لاكماله وعلينا وعلى الجهات المعنية بدراسة جدوى الامتدادات المقترحة لمشروعات الزراعة القائمة لأنها أصبحت عتيقة وربما عفا عليها الزمن... وعلى المجلس الأعلى للاستثمار الترويج لمشروعات جديدة يشارك فيها الاستثمار الوطني والأجنبي وشراكات ذكية تحقق فوائد لسكان هذه المناطق بعد ما لم يجدوا ما يغير من حالهم من معظم المشاريع القائمة وهم بحاجة إلى مشروعات واستثمارات يكونون هم جزءا فيها ومصالحهم محفوظة وحقوقهم قائمة مشروعات تمثل أفضل ما في العالم من تقانة وتطور لسلع يحتاجها عالم اليوم وسوق اليوم تحقق إنتاجية عالية وجودة فائقة وعائد مجز وتنمية وتطورا... 

إننا نسعد بإتمام التعلية وعلينا حسن استغلال هذه الفرصة لإحداث النقلة النوعية المطلوبة في إنتاجنا الزراعي نحو تغيير لحال المنتجين وحال الاقتصاد.

* اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني
شارك هذا المقال :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger