الرئيسية » , » سياسة تحفيز العاملين بقطاع الانشاءات لمواجهة تداعيات جائحة كورونا (2/2) بقلم: دكتور مهندس مستشار/ مالك علي دنقلا

سياسة تحفيز العاملين بقطاع الانشاءات لمواجهة تداعيات جائحة كورونا (2/2) بقلم: دكتور مهندس مستشار/ مالك علي دنقلا

Written By Amged Osman on الجمعة، ديسمبر 18، 2020 | 2:04 م

  


دكتور مهندس مستشار/ مالك علي دنقلا 

أجبرت جائحة فيروس كورونا الكثير من العاملين حول العالم على التكيف على بيئات العمل الجديدة وغير المألوفة، كما اصبح من المهم بشكل متزايد علي اصحاب ومديري الشركات أن يطوروا القدرة على تحفيز العاملين ماديا ومعنويا في مكان العمل.

ففي زمن فيروس كورونا يتغير كل شيء تقريبًا، وتطفو إلى السطح ظواهر وسيناريوهات جديدة يوميًا، في مواقع الاعمال وأروقة الشركات والمؤسسات، وتبرز تحديات وإشكالات إنسانية ووظيفية تمس اصحاب الشركات والعاملين على حد سواء، فحينما تكون المؤسسة مهددة بالخطر فإن الامر يتطلب بذل جهوداً استثنائية لمواجهة الموقف .

تأثير كورونا على قطاع المقاولات هو تأثير  ثلاثي الأبعاد:

لم بستثنى قطاع المقاولات من تاثيرات الجائحة،  بل ان التأثير على القطاع كان تأثيرا ثلاثي الأبعاد، حيث هناك معاناة من النقص الذي حدث في العمالة نتيجة الحظر ، ومعاناة من اضطرابات سلسلة التوريد وصعوبة شراء بعض مواد البناء نتيجة اغلاق المطارات والموانئ في كافة دول العالم؛  ومعاناة من الانكماش المالي العام الذي حدث نتيجة تردي الاوضاع الاقتصادية

وسنوضح هذه المشكلات بإيجاز كما يلي:

1- نقص العمالة في صناعة الانشاءات

من اجل منع انتشار الفيروس ، قامت العديد من الانشطة وأصحاب العمل ببساطة بتوجيه الموظفين للعمل عن بعد أو من المنزل،  وبينما يمكن للعاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية العمل بفعالية عن بُعد ، لا تستطيع شركات المقاولات ممارسة هذه الميزة مع العاملين لديها والذين لابد أن يكونوا في موقع العمل.

كما انه قبل تفشي المرض ، كانت مهنة المقاولات قد ابتليت بالفعل بعمالة منخفضة المهارة ، وبالتالي اصبح  احتمال بقاء بعض العمال المهرة في المنزل لمنع انتشار الفيروس بشكل أكبر إلى تعزيز تأثيرات نقص العمالة الكفؤة بشكل كبير، ما يؤدي بدوره إلى مشاكل في الوفاء بالمواعيد النهائية لتسليم المشروع ، ويضع مزيدًا من الضغوط المالية على أعمال المقاول الرئيسي أو المقاول من الباطن، فمما لا شك فيه ان وجود مجموعة صغيرة من العمال المهرة في مواقع العمل مع احتمال  تناقصهم يثير مشكلات تتعلق بالسلامة والجودة خاصة في البلدان  التي توجد فيها متطلبات ترخيص محددة للمهن المتخصصة ، حيث يكون من الصعب استبدال المهن  في سوق العمل الإنشائي المتخصص ، ما يعني اضطراب إضافي واسع النطاق .

2- توقف سلسلة توريد مواد صناعة البناء

عاني قطاع الانشاءات ايضا من أضرار عميقة تمثلت في صعوبات شراء مواد البناء وتعطيل سلسلة التوريد، بسبب الضربة التي أصابت العالم بدرجة تجاوزت التوقعات في فترة الإغلاق العام ، وبالذات الصين التي  أغلقت العديد من المصانع او اصبحت تعمل بطاقات محدودة أو فرضت قيودًا حكومية انتجت توقف امدادات مدخلات صناعة البناء والتشييد ، حيث تأتي 30٪ من مواد البناء والمكونات المستخدمة في البلدان العربية  من الصين ، بما في ذلك الأخشاب والصلب والجص والجدران الجافة والعزل و المنتجات الكهربائية ومواد الأرضيات، كما ان بعض شركات المقاولات تحصل على ما يصل إلى 80٪ من موادها من الصين.  

3- تراجع التمويلات 

فرضت الفوضى التي حدثت في الأسواق المالية ضغوطا اقتصادية علي كافة أسواق البناء السكنية والتجارية، مع تقلص السيولة وجفاف مصادر التمويل والاقراض، وتراجع حجم طرح المشروعات الجديدة، وتاجيل اعمال البناء، وزيادة التكاليف الحكومية أثناء الأزمة.

سياسات التحفيز

إن اقتراح قيام سياسة الحوافز بلعب دورًا ايجابيا في المساعدة على إدارة مخاطر فيروس كورونا ليس جديدًا، بالطبع لا توجد شركتان متشابهتان تمامًا، لكن  يجب أن يتم تبني برامج التحفيز في الظروف الحالية بعناية ، حيث تواجه الشركات التحديات المتعددة الناتجة من العمل في بيئة الوباء.

وتستخدم برامج الحوافز على نطاق واسع حيث  إنها جزء لا يتجزأ من إشراك عمال البناء في الحفاظ على مكان العمل آمنًا ومنتجًا ، ولكن إذا لم يتم تنفيذها بشكل صحيح ، فيمكن أن تصبح حوافز سلبية،  لذا اصبح واجبا على أصحاب شركات المقاولات مراجعة برامج وسياسات الحوافز الحالية للعاملين، وكذلك الإجراءات المعمول بها لدعم تلك الحوافز، وتحديد ما إذا كانت هناك حوافز عكسية،  بما في ذلك على وجه التحديد حوافز للموظفين للحضور إلى العمل حتى لو كانت لديهم أعراض أو تعرض مباشر للحالات المؤكدة، حيث  يجب تحديد هذه الحوافز غير المجدية والقضاء عليها، فليس من الصعب تحديد الحالات التاريخية للحوافز التي ادت إلى عواقب غير مقصودة، فعلى سبيل المثال قد تكون الحوافز والسياسات أو الإجراءات الداعمة في صناعة الخدمات المالية قد ساهمت في الأزمة المالية لعام 2008/2009.

كما يجب أن تظل الحوافز الإيجابية بسيطة ومركزة حول مقاييس استدامة القوى العاملة ذات النتائج الواضحة.

أنواع الحوافز

هناك عدة طرق واساليب لتحفيز العاملين منها الحوافز الصحية كاجراءات الرعاية الطبية والوقاية من الفيروس، والحوافز المعنوية كالشكر والتقدير ، والحوافز المادية كالمكافات ، والهدايا ،ومشاركة الأرباح، وجوافز تحقيق الذات كتطوير الامكانيات البشرية، ولكن في جميع الاحوال  يجب التأكد من أن هذه المكافآت ستحفز الموظفين على العمل بجدية أكبر والانخراط في العمل الجماعي وتحقيق اهداف الشركة النهائية.  

اولا: حوافز الصحة والسلامة

لا شك ان العديد من أصحاب العمل يدرجون مقاييس الصحة والسلامة في برامج الحوافز الخاصة بشركاتهم، وفي غمرة تفشي داء فيروس كورونا ،  أصبح العاملون بمواقع العمل في شركات المقاولات عرضة أكثر من غيرهم للتشتت الذهني، نتيجة الخوف من الاصابة مما يجعلهم يستغرقون وقتًا أطول للتنفيذ ، لذا يجب على أصحاب شركات المقاولات وضع سياسات وإجراءات الصحة والسلامة في مقدمة برامج التحفيز، للتاكيد على اهتمام الشركة بصحة الموظفين وتوفير كافة وسائل الامان والاجراءات الاحترازية في مكان العمل وتحديد أولويات سلامتهم الذهنية والبدنية ، على سبيل المثال تنفيذ سياسات التباعد الاجتماعي ، وأحكام معدات الحماية الشخصية ، والمساعدة في توجيه العمال الذين قد يعانون من أعراض فيروس كورونا إلى مقدمي الخدمات الطبية، وابلاغ العمال بعناوينَ وأرقام هواتف المستشفيات المحلية وخطوط الاتصال المباشر بالجهات الصحية في حالات الطوارئ، حيث سيتذكر الموظفون دائماً مبادرات الشركة وحرصها الدائم على سلامتهم وعافيتهم، مما يحفزهم علي المزيد من العمل والانتاج.

التحفيز المعنوي:

مع تزايد الضغوطات النفسية والمادية على الموظفين بسبب تقليص الأجور، أو القلق من فقدان الوظيفة بسبب التأثر بالظروف الاقتصادية لجائحة كورونا، تأتي اهمية التحفيز المعنوي بالتوازي مع حوافز الصحة والسلامة للحفاظ على المعنويات والتركيز اثناء العمل، ويتم ذلك من خلال بناء الشعور بالإحترام والتقدير للعاملين من خلال إطرائهم والثناء على ما أنجزوه من أعمال جيدة، حيث عادة ما يحتاج العاملون في الشركات والمؤسّسات إلى الشعور بالتقدير على العمل المنجز، ووجود فرق بين العامل الذي يقوم بإنجاز عمله والآخرين.

 فعندما يدرك العاملون أن ما يقومون به من عمل يشكل إضافة نوعية إلى عمل المؤسسة يتحفزون للاستمرار بنفس الجد والاجتهاد،  لذلك يتوجّب على الإدارة توجيه رسالة شكر ت للعامل المنجز ُتعبّر فيها عن فخر الشركة بما قام به العامل من اداء رائع، أو ذكر ذلك الأمر في الاجتماع الأسبوعي الذي يُعقد للعاملين، كما يجب على مدير الموقع وضع لوحة إنجازات على الحائط، يذكر فيها أسماء العاملين الذين أنجزوا أعمالهم بكفاءة.

التحفيز المادي

بالطبع ياتي التحفيز المادي للعاملين بنتائج طيبة علي سير الاعمال، بل إنها وسيلة لإبقاء العمال سعداء ، خاصة مع تحقيق العدالة في هذا الحافز عندما يتم منح مكافآت نقدية للاكفاء والمجتهدين وربط العلاوات بالإنجاز الجيد للعمل ، وليس بالمعايير الوظيفية والأقدمية في العمل، فمن شـأن كل ذلك تشجيع العاملين على وضع أنفسهم في موضع مساندة مع الشركة وصاحب العمل خلال الازمات.

 حافز التطوير وتحقيق الذات

 يتم هذا التحفيز من خلال توفير كل ما يلزم لتدريب العاملين على التعامل مع أحدث الأنماط  والاجهزة التقنية وأفضل المعدات لتطوير القدرات وزيادة المعارف بما يتيح تاهيلهم لمواكبة كافة التطورات التكنولوجية في مجال العمل ، و تحقيق طموحاتهم في ان يكونوا مشاركين بفعالية في الانجاز وسرعة الاداء، وتحقيق الأهداف الأساسية للمؤسسة.

ولاتباع هذا المبدأ  في تحفيز العاملين يجب أولًا أن يصنع صاجب الشركة لدى العاملين المقدرة على تفهم الهدف الحقيقي من اختيارهم العمل في هذه الشركة، وهو بناء مستقبل للشركة ولهم ، وبالتالي فإن نمو الشركة وازدهارها إنما يعود على الشركة  وعليهم بنتائج عظيمة، ومن هنا سيسعي جميع العاملين لمضاعفة الجهود لتخطي ازمة جائحة كورونا واية ازمات مستقبلية ، كما من شان ذلك العمل علي تشجيعهم لتحمل المسؤولية والإخلاص لشركتهم ، ما يعني بالنهاية سرعة الإنجاز وزيادة الإنتاج وتحطي الازمات. 


شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger