الرئيسية » » القطية ...جدران قش تتحدي الزمن

القطية ...جدران قش تتحدي الزمن

Written By sudaconTube on الاثنين، يونيو 24، 2013 | 2:41 م

محي الدين محمد - أخر لحظة

اتخذ الناس القطاطي بيوتا منذ زمن بعيد؛ فهي قد أثبتت قدرة عجيبة على تحدي الظروف الطبيعية في كثير من المناطق.وفي القضارف تحديداً،تعد القطية معلما بارزا ،تتشارك فيه مع السمسم للدلالة على المكان.وقد جعلت التربة الرخوة التي تميز ارض القضارف ،جعلت القطيه النمط الأنسب للبناء ،ذلك أنها –أي التربة- تميد بكل ما فوقها عندما تمسها قطرات المطر أوان الخريف.

والقطية قليلة التكلفة نسبيا،إذ إنها تبني بالحطب الذي يسمي (الدقاق)،وهو يقوم فيها مقام الأعمدة.وقولنا أنها قليلة التكلفة نسبيا،يعود إلي مقارنتها بالمباني المشيدة بالمواد الثابتة كالسيخ والاسمنت عالية التكلفة.والشاهد أن بناء القطية يكلف مبلغ يصل إلي حوالي اربعة مليون جنيه حسب الأسطى محمد على الذي امتهن بناء القطاطي لمدة تجاوزت عشرين عاما.

وشهدت الفترة الأخيرة إدخال تحسينات كثيرة على القطية،ليس اقلها السيراميك وأجهزة التكييف ،وتعد الخيمة نوعاً من الزينة المحببة حيث توشي(بالركامة) وتركب في سقف القطية لتعطيها شكلاً جمالياً بديعاً ،كما تسهم في تقليل الغبار ولتمنع تساقط القش على الأثاث.

ولم تقف خطوات التطوير عند ما ذكرنا من أشكال الزينة وأنماط التحسين ،التي ادخلها الناس على القطية،بل تعدتها لاستنباط أشكال جديدة منها الشكل المربع،الذي يأخذ شكل الغرفة المعروفة ،مع الاحتفاظ بالرأس المخروطي الذي يميز القطية. والمتابع يلحظ اتجاه كثير من الناس لاستخدام الحديد في بنائها، بدلا عن (الدقاق) الذي تتهدده الأرضة، وتفتك به النيران .فالهيكل الحديدي يوفر قدرا من الأمان ،ويعطي القطية عمرا أطول ،خاصة إذا علمنا أنها صارت تبني بالطوب والاسمنت ،فيما لا تزال قبتها تتزين بقش (النال) تاج عز وفخار.

واللافت أن القطية لا تزال تحتل موقعها حتى في تلك العمارات الشاهقة التي صار مرآها مألوفا في بعض الأحياء الشعبية بالقضارف؛وفي ذلك دليل على تمسك الناس بنمط البناء الذي ألفوا عليه أجدادهم.وهذا النمط لا يقتصر على القضارف وحدها ،بل نجده في كثير من مدن السودان الاخري ومنها ولاية النيل الأزرق كما انه منتشر في قري دوله الجنوب.

هذا التاريخ المؤثل والماضي المجيد ،تزحف عليه خطوات التمدن لكنه ما يفتأ يقاوم ،مستمدا قوته من تمسك الناس ،وقدرتهم على تطويره ليلائم كل الظروف .ويجدر هنا أن نشير إلي أن كثيرا من أبناء القضارف قد شيدوا القطاطي في بيوتهم التي بنوها بالخرطوم ،وعن ذلك يقول فوزي أبو الخير، إن أخيه ماجد) الذي يقيم بالولايات المتحدة ،أصر على تشييد قطية في منزلة بالخرطوم ،تأكيدا لارتباطه بواحدة من ابرز معالم القضارف التي نشأ على أرضها ،وأحب أهلها ،ومساكنها.وفي ذلك دليل على مدي الرباط الذي يشد قلوب أبناء القضارف ويعزز ارتباطهم بموروثاتهم.

فهل ستصمد القطية؟ أم سيقدر لها أن تزول ،وتبقي مجرد ذكري يجترها الناس؟ وهل من سبيل للحفاظ عليها وتطويرها لتظل شاهدا على عبقرية هذا الشعب ،الذي علم الدنيا أن التحديات تولد الإبداع؟

تلك تساؤلات نطرحها ونترك للزمن والظروف الإجابة عليها ،ونجعل همنا ألان التأمل في روعة وجمال هذا البناء الذي اثبت قدرته على البقاء متحديا عوادي الزمن ، وحادثات الأيام..
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger