الرئيسية » » شركة شريان الشمال تقاضى حكومة السودان - بقلم: م. مجاهد بلال طه

شركة شريان الشمال تقاضى حكومة السودان - بقلم: م. مجاهد بلال طه

Written By sudaconTube on الثلاثاء، أكتوبر 02، 2012 | 5:00 ص

بقلم: م. مجاهد بلال طه
mogahid_b@hotmail.com

من المعلوم فى المعاملات بالضرورة .. أن العقد شريعة المتعاقدين .. وفى دنيا التشييد .. يكون كل طرف من الأطراف يعلم يقيناً مواضع القنابل الموقوتة فى عقده ويعلم مواقيت إنفجارها قبل أن يوقع .. إذ أن المعاملة أصلاً قائمة على إنجاز ما تم الإتفاق عليه .. لا غير. و إلى ذلك .. كان واحداً من هموم الاتحاد الدولى للمهندسين الاستشاريين( FIDIC ) هو الحفاظ على التوازن المالى للعقد. لكن ما هو الشئ التاريخى فى خصومة تعاقدية لجأ أحد أطرافها للقضاء.؟!

حسناً .. القصة تحتاج لبعض المقدمات .. حيث ان شركة شريان الشمال حصلت على اذن لمقاضاة حكومة السودان فى خلاف حول عقد تشييد طرق .. و المقدمات للموضوع كما يلى :

أولاً : يتفق الجميع فى أن حكومة السودان هى أكبر مشغل للقطاع الخاص عموماً ولقطاع التشييد بشكل خاص وذلك بنسبة تفوق 90 %، وما تبقى هو للحقيقة والتاريخ أن 5 % منه يأتى من الحكومة بطريقة غير مباشرة والباقى ( كرامة وسلامة ). وذلك وضع جعل الحكومة رب عمل يهابه الناس ويحسبون لغضبته ألف حساب .. ولا يجرؤ على علو الصوت فى حضرته إلا من زهد فى العمل. ولما كان ( ناس ) الحكومة يعلمون ذلك الأمر، فقد أستخدموه إيجابياً لصالح مؤسساتهم فى شكل عقود تحمى الطرف الأول (الدولة) من كل شئ .. وله كل الحقوق .. ولا واجبات عليه إلا ما تصدق بها كرماً وفضلاً. و اللغة ههنا هى لغة علمية تم إختيارها بدقة لتشخيص المشكل وليست لها علاقة بلغة السياسة من قريب أو بعيد. والحكومة المقصودة ههنا لا علاقة لها بنظام الحكم ومكوناته، بل كلما ذكر لفظ حكومة كان المقصود نظام الدولة.

ثانياً : بالرغم من ذلك .. فقد كانت القطاعات التجارية عموماً وقطاع التشييد خصوصاً ترى فى تلك العلاقة (الشائهة) مكسباً لها .. إذ تحافظ العلاقة الجيّده مع ( ناس ) الحكومة .. تحافظ على وجود الشركة وإسم العمل في السوق وممارستها لانشطتها وتطورها .. ذلك .. وإن ضاعت بعض الأرباح ههنا أو هناك لجور فى تفسير أحكام العقد .. ذلك .. وإن خسرت بعض المشاريع ههنا أو هناك بسبب غضبة جزئية تم الانحناء لها.

ثالثاً : تابع الجميع المسلسل الإعلامى على صفحات الصحف بين شركة شريان الشمال ووزارة النقل .. إذ إتهمت الوزارة الشركة باستلام مبالغ وعدم إنجاز أعمال .. بالمقابل دافعت الشركة عن نفسها بأنها تعمل فى ظروف أمنية قاسية وأسعار قديمة بالية وتعرضت لخسائر كبيرة طالبت فيها بالتعويض ولم يجدى ذلك شيئاً. 

وكان الأمر غريباً بالطبع أن تجرؤ شركة خاصة تعمل بتعاقدات تبلغ ملايين الدولارات .. تجرؤ على أن تسفه أحلام الحكومة ( وزارة النقل ) على صفحات الصحف. ولم تسكت الحكومة (وزارة النقل) وكادت أن تأخذ حقها (كالمعتاد) بيدها لولا تدخل الوسطاء وأرجعوا الأمر الى نصابه بأنه ليس مشكلة شخصية بين مدير ووزير ولا بين شركة ووزارة، لكنها مشكلة تعاقدية يعالجها العقد، إما ودياً أو بالواسطة أو بمجالس فض التزاعات أو بالتحكيم أو بالقضاء. وهذا هو الحدث التاريخى.

إذ أنها من المرات النادرة فى تاريخ عقود التشييد فى السودان التى تقاضى فيها شركة مقاولات حكومة السودان بحثاً عن حقوق تعاقدية .. وإنها من المرات النادرة التى تستسلم فيها الحكومة ( ممثلة فى وزارة النقل ) وتتواضع لتكون خصماً للمقاول.

مرة اخرى الأمر لا علاقة له بالسياسة .. إذ اختصمت حكومة السودان مرات كثيرة ضد مواطنيين عاديين، يكون لها الحق أو عليها .. تلك ممارسة شائعة. لكنها ليست شائعة فى دنيا التجارة والمال والأعمال .. فلماذا لا نجعلها شائعة؟!.

ابتداءً من اليوم .. وتاريخاً يحكى .. فاننى أرى بأن دولة السودان قد بدأت تخطو خطوات إيجابية فى شؤون التجارة .. والحق أقول أن ذلك التطور ليس وليد اللحظة .. لحظة المحكمة .. إذ أن شكل العقود ومضامينها وإعتماد الدولة فى مشاريعها تلك على بيوت الخبرة الإستشارية، كل ذلك تطوراً مبشراً وكان لا بد أن يفضى الى هذه المرحلة .. مرحلة أن تقاضى شركة شريان الشمال حكومة السودان .. ولربما يكون الحق ضدها لصالح حكومة السودان .. لكن المبدأ أن الحق يعود بحكم القانون لا بسلطته.

بحبر قلمى هذا .. أدعو المهندسين والقانونيين والمقاولين والاستشاريين والادارات الهندسية للمؤسسات الحكومية أن يحرصوا على متابعة هذه الدورة التدريبية المجانية من داخل قاعات المحكمة .. كما أدعو المحكمة الموقرة أن تنقل الجلسات لصالة تمكن ذلك الجمهور المختص من المتابعة.
شارك هذا المقال :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger