الرئيسية » » دور المقاول العربي في تفعيل مشاريع البنى التحتية في الدول العربية والافريقية (3/3) - بقلم د. م. م. مالك دنقلا

دور المقاول العربي في تفعيل مشاريع البنى التحتية في الدول العربية والافريقية (3/3) - بقلم د. م. م. مالك دنقلا

Written By Amged Osman on الأربعاء، يونيو 02، 2021 | 8:00 ص

 "دور المقاول العربي في تفعيل مشاريع البنى التحتية في الدول العربية والافريقية"

(3-3)

دكتور مهندس مستشار/ مالك علي دنقلا

تناولنا في الحلقة الثانية من المقال من دور المقاول العربي فى تفعيل مشاريع البنى التحتية فى الدول العربية والافريقية ما حققته المؤسسات المالية العربية بأنواعها المختلفة من الصناديق الوطنية والإقليمية والشركات المشتركة من إنجازات فى المجال والحاجة لتعزيز ودعم القطاع الخاص وفرص تمويل المشروعات العربية والمقاول العربي في تنفيذ المشروعات الممولة ونواصل اليوم فى الحلقة الاخيرة لنتطرق لدور مؤسسات التمويل التمويل الوطنية في تفعيل دور المقاول العربي.

أهمية مؤسسات التمويل الوطنية في تفعيل دور المقاول العربي:

تتمثل أهمية دور مؤسسات التمويل الوطنية في تفعيل دور المقاول العربي في أنه هو المنوط به إحداث عمليات التنمية المستدامة المنشودة للدول العربية، وعليه يقع عبء تحقيق الطموحات الوطنية في القضاء على البطالة باستيعاب الأعداد الهائلة من العمال والفنيين والمهندسين والمحاسبين والاستشاريين، وتحريك عجلة الإنتاج.

ولأن استحواذ شركات المقاولات الأجنبية على تنفيذ المشروعات الممولة من الصناديق العربية يحرم الدولة التي ينفذ المشروع على أرضها من عوائد المشاريع، ومن خلق فرص للعمالة الوطنية، وتحريك الاقتصاد المحلي؛ لذا يتطلب الأمر ضرورة العمل على مساندة المقاول العربي اقتصادياً، وفنياً، ومعنوياً؛ حتى يتمكن من زيادة فرصه في الحصول على العطاءات المطروحة من قبل الحكومات وصناديق التمويل العربية، ويتمكن بالضرورة من خوض منافسة عادلة مع الشركات الأجنبية ذات رؤوس الأموال الضخمة والدعم الهائل من بلدانها.

كما يجب العمل أيضاً على الاستفادة من جميع الخبرات والمقومات الفنية والبشرية لشركاتنا الوطنية، وتعظيمها هذه الخبرات؛ حتى تستطيع القيام بكفاءة واقتدار بأعباء التنمية، وبتفعيل دورها المنشود في إعادة الإعمار بالدول العربية التي تأثرتبالأحداث السياسية في الفترة الماضية.

ويتأتى ذلك كله من خلال قيام صناديق التمويل العربية بزيادة دورها التنموي والتمويلي والتكاملي، وعدم الاقتصار على مسألة تمويل المشروعات، بل المساهمة في زيادة فاعلية كافة القوى البشرية العربية، ودعم القائمين على صناعة الإنشاءات العربية، واتخاذ سياسات تمثل نوعاً من الحفز أو التشجيع للمقاول العربي، وحمايته من تغول الشركات الأجنبية، أسوة بما قام به الاتحاد الإفريقي لحماية المقاولين الأفارقة من الشركات الأجنبية، إذ أوصت مفوضية البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الإفريقي بمنح نقاط إضافية لشركات المقاولات الإفريقية عند التقدم بعطاءات للمشروعات التي تمولها المؤسسات الإفريقية، خاصة بنك التنمية الإفريقي.

صناديق التمويل الوطنية وازدياد البطالة:

وهكذا يتوجب على صناديق التمويل الوطنية إصدار قرارات واتخاذ سياسات تتجه نحو إعادة التوازن في نسب مساهمات المقاولة العربية والأجنبية في تنفيذ المشاريع العربية الممولة، ويتحقق ذلك من خلال إدراج نسبة أفضلية للمقاول العربي في المناقصات التي تطرحها وتمولها هذه الصناديق؛ تعزيزاً لفرص الشركات العربية في الحصول على هذه الأعمال، وضماناً لحماية صناعة الإنشاءات العربية، خاصة وإن هيمنة شركات المقاولات الأجنبية على سوق الإنشاءات العربية الهائل تمثل تحدياً لعملية تطوير المقاولة العربية وتنميتها، إلى جانب ما يمثله تواجد الشركات الأجنبية من عبء على الاقتصاد العربي بوجه العموم عبر تحويلها مبالغ مالية ضخمة إلى بلدانها، وخروج أرباح المشروعات إلى الخارج، وعلى المدى الأبعد يؤدي ذلك إلى خسائر للاقتصاديات العربية، وازدياد معدلات البطالة بين المواطنين العرب.

معوقات التمويل:

المشروعات الخاصة بالبني التحتية التي تتبناها الدولة ويتم تموليها من مؤسسات التمويل الاقليمية تخضع للتالي:

(1) توزيع السقوف بين الدول المختلفة والقطاعات المختلفة.

(2) الضمانات التي تقدمها الدول نفسها لصالح البنك الإسلامي للتنمية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أو غيرهما من المؤسسات.

(3) السقف المحدد وسداد التمويلات القديمة الواجبة على الحكومات، فإذا كانت منتظمة في سداد الأقساط المقررة لتمويل قديم فذلك يسهل عليها الحصول على تمويل جديد وإذا كانت غير منتظمة فيشترط سداد الأقساط القديمة، وأيضاً يكون التمويل خاضعاً لسقف معين.

هنالك نافذة للقطاع الخاص أسسها البنك الإسلامي للتنمية للتعامل المباشرمع القطاع الخاص، والذي واجهته مشكلات تتمثل في:

(1) عدم قدرة مؤسسات القطاع الخاص على تقديم الضمانات التي تمكنها من الاستفادة من هذه السقوف.

(2) مشكلة أخرى سلف ذكرها تكمن في الجوانب الفنية من إعداد الدراسات التي تكون مقنعة للمؤسسات التمويلية للحصول علي التمويل، وهذه هي إحدى الثغرات الواضحة جداً، وتتمثل في عدم الاهتمام بدراسات الجدوى أو دراسات الجدوى الإجرائية الرامية للحصول على التمويل، حيث تخضع  مؤسسات التمويل العالمية هذه الدراسات للتحليل وقراءة الواقع، حتى يتم التحقق من التناسب بين الدراسات المقدمة والمشروع نفسه.

(3) وهنالك مشكلة إجرائية: هل البنوك المركزية تقدم ضمانات للقطاع الخاص؟ إذ لا بد من حلول تجعلها تقدم ضمانات للقطاع الخاص، إذ هناك جملة من العقبات الإدارية والقانونية والفنية تجعل من الصعوبة أن تكون الحكومات ظهيراً للقطاع الخاص في التمويل؛ حيث يصعب تحديد الشركات التي تستحق هذا التمويل او ذات الاولوية، وقبل ذلك تحديد الضوابط التي تحكم هذ الأمر.

(4) المشاريع التي تقع في دائرة الولايات ليس لديها طريق للوصول إلى التمويل الخارجي، ومعظم مشاريع البنية التحتية في الولايات ليس لديها نافذة للحصول على تمويل خارجي إلا بقدرات من الشركات نفسها الفائزة بالعطاءات.

فالمسألة فيها تعقيدات ادارية وفنية واجرائية وتقع هنا المبادرة في يد القطاع الخاص في كيفية تنظيم القطاع وكيف يتم حل مشكلة الضمانات التي تقدم للحكومة المحلية والتي بموجبها الحكومة تقدم ضمان خارجي .

في ظل العجز المزدوج من عجز الموازنة والميزان الخارجي يظل عائق لقبول المشروعات الذي تتم في السودان، فهذا التحدي صراحة ينبع من التعقيدات التي لازمت الاقتصاد السوداني خلال الفترة من 2016-2017 والسنة الاخيرة في حكومة الانقاذ 2018 والتي اضعفت انسياب التمويل الخارجي لصالح البنيات التحتية بسبب القضية الخاصة التي كانت ماثلة آنذاك والمتمثلة فى العقوبات والحظر الاقتصادي ومنع التعامل المصرفي . 

نيابة عن حكومة جمهورية السودان أصدرت وزارة المالية والاقتصاد السوداني صكوك استثمار حكومية (صرح)، وهي عبارة عن صكوك مالية تقوم على مبدأ الشرع الإسلامي، تتم إدارتها وتسويقها عبر السوق الأولى لشركة السودان للخدمات المالية، وتُستخدم إيرادات هذه الصكوك في تمويل مشروعات البنى التحتية وقطاعات الصحة والتعليم والمياه في ولايات السودان المختلفة، وحسب شركة السودان للخدمات المالية بلغت جملة الموارد المحققة من إصدارات صكوك صرح طيلة الفترة (٢۰٠٥-٢۰١٢م)، أي ما يعادل ٥٨‚٢٧٤٢ مليون جنيه سوداني، وقد تم توجيه ٦٧‚٢٨% منها إلى قطاع الخدمات (مياه صحة، تعليم)، و توجيه ٢٨‚٢۳% منها إلى مشاريع البنية الأساسية (الطرق، مطار الخرطوم الجديد، السكة الحديدية، النقل النهري)، بينما بلغ نصيب القطاعات الإنتاجية (الزراعة والري) نحو ۳٧‚٨%، وكان نصيب المعلوماتية (التلفزيون والإذاعة السودانية) نحو٧٤‚١%، وبشكل عام حققت صكوك صرح الاستقرار خاصة للمجتمعات الريفية، وذلك عن طريق توفيرها الخدمات الأساسية المتعلقة بحفر الآبار، وبناء الوحدات التعليمية والصحية.

 من جهة أخرى يعتبر سد مروي السوداني نموذجاً رائداً في مجال التمويل بالصكوك، حيث مول جزئياً من قبل الحكومة السودانية بصكوك إجارة، وقد ساهم في إحداث نقلة نوعية من خلال خفض من كلفة فاتورة الكهرباء للقطاع الزراعي بما يقارب ۳٠%، كما ضاعف من رقعة الأراضي الزراعية وساهم في تحسين خطوط الملاحة الجوية.

ويظل التحدي قائماً أمام القطاع الخاص للاستفادة من الموارد الداخلية في المشروعات التي لا تحتاج لمدخلات خارجية وبالتالي لا تحتاج للنقد الأجنبي.

انتهي....

      

 

 

شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger