الرئيسية » , » مقترحات توفيقية بين البلاد الثلاثة بمناسبة توقيع اتفاقية الدراسات الاستشارية مصير وادي النيل - بروفيسور أحمد عبد الرحمن العاقب

مقترحات توفيقية بين البلاد الثلاثة بمناسبة توقيع اتفاقية الدراسات الاستشارية مصير وادي النيل - بروفيسور أحمد عبد الرحمن العاقب

Written By Amged Osman on الخميس، أكتوبر 27، 2016 | 2:57 م

أ.د/ أحمد عبد الرحمن العاقب
Ph.D., D.I.C., B.Sc.(Eng), F.I. Mech. E., C.E.

ملخص:
إن تخصصي هو الطاقة الكهربائية المائية، وقد أدركت أن طبيعة النيل تسقط فيها كل قواعد علم الهيدرولوجي المطبق في أنهر العالم الأخرى والتي بُني عليها علم الهيدرولوجي والذي يدرس في مثل هذه التخصصات. النيل مثلاً لحكمة الله تعالى يعتمد على طاقة وقوة الاستمرار أي الـ (Inertia) في مياه الفيضان وليس في ارتفاع الخزان أو الخزانات التي تحبسها ، والتي لا يمكن أن تساوي ارتفاع المنحدرات التي جاءت منها والتي يمثلها الـ (Velocity head) وليس ارتفاع الخزانات الساكنة التي أضاعتها باحتجازها فيها، ولذا كان الخبراء السودانيون لا يقفلون الخزانات إلا بعد أن تمر مياه الفيضان تلك، ولولا هذه الحكمة ومياه الفيضان لما وصلت تلك المياه للبحر المتوسط. ولقد قامت بحكمة الله تعالى تلك وإرادته أعظم حضارات العالم بفيضان لا يدوم أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر دون خزانات أو توليد كهربائي أو منحدرات طبيعية مؤثرة بداخل السودان أو مصر.

إنني متفائل بضرورة أن تتفق هذه البلاد الثلاثة، المتفقة على الوحدانية الإلهية مع هذه الإرادة الإلهية التي جمعت النيلين فأتيا طائعيْن كما أتت السماء والأرض {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (سورة فصلت: الآية 11).

1/ المقدمة:
معروف أن النيل يعتمد تقريباً كلياً على المياه المنحدرة من الهضبة الإثيوبية ليصل إلى البحر المتوسط، ورغم أن النيل الأبيض المنحدر من البحيرات الاستوائية يساهم بـ10 – 15% من المياه ولكنها تفقد في السودان تأثير انحدارها، ولولا دفع نهر السوباط المنحدر من الهضبة لتوحل النيل الأبيض في مستنقعاته وفُقد نصيبه حتى يصل كوستي. وهنالك تقدير بأن الطاقة التي تحملها المياه المنحدرة من الهضبة الإثيوبية تبلغ 45000 ميجاوات بمستويات الأمطار السائدة الآن. وليس هنالك تقدير للطاقة التي يمكن أن تساعد بها الأمطار النيل بفرعيه الأبيض والأزرق بعد خروجهما من جنوب السودان ومن الهضبة الإثيوبية .

وإنني لا أحسبها ذات قدر فعال خاصةً بعد توقعات تغير المناخ؛ والأجدر بالبلاد الثلاث (إثيوبيا والسودان ومصر)عمل بحوث عن طريق نماذج مقطعية متعددة لتقدير الطاقة التي تحتاج إليها كل مسيرة النيل للوصول للسد العالي وما بعده، وهذا ما لم يحدث أن فُكر فيه قبل بناء السد العالي ولا بعده، المعلوم أن مسيرته تلك هي في أرض مسطحة لا يزيد متوسط انحدارها الطبيعي بعد مستنقعات جنوب السودان وبعد الرصيرص على بضعة سنتمترات في الكيلومتر حتى الوصول للبحر المتوسط.

2-أ (2-a) معلومات هامة في المراجع التالية:
هذا الوضع المتقدم للمراجع في الورقة بالطبع ليس وضعاً تقليدياً، ولكنني اعتبرتها كمصادر معلومات أساسية عن الارتفاع الحراري العالمي نسبةً لتغير المناخ.. حتى عناوينها توضح تلك المعلومات دون الحاجة إلى الرجوع إلى تفاصيلها، خاصةً توسع المدارات الاستوائية التي وصلت معالمها خطي عرض 30 شمالاً وجنوباً. إن ظواهر توسع مدار السرطان (مرجع رقم 4) بلغ 5 – 8 درجات عرضية (خطوط عرض) ويوضح أن هذا المدار الآن يغطي كل وادي النيل خاصةً المناطق الحساسة شمال النيل وبعيداً عن منبع النيل والمناطق المدعمة له بالأمطار.

بل بسبب هذا التدهور العام للمناخ فإن المدار يغطي كل المناطق التي تنبع فيها التيارات المطرية التي تغذي الهضبة الإثيوبية ومجرى النيل الأبيض. إن توسع المدارات يعني توسع المناطق التي سيغلب فيها الدرت Drought)) الجفاف والتصحر، وترتفع فيها الحرارة لمواجهتها المباشرة للشمس فيزداد الجفاف وينضب الغطاء النباتي على قلته وتضعف النظم البيئية التي تساعد على جذب التيارات المطرية واستدرار السحب.

إن هذه الظواهر الطبيعية قاسية على النيل، وعلى الإنسان أن يبذل كل الجهد العلمي والبحثي لتخفيض تأثيرها ودرئه، ولكن بالطبع هنالك نشاطات بشرية أيضاً قد تكون ذات أثر سلبي رغم فائدتها للإنسان، مثلاً السدود والتخزين والتوليد الكهربائي المائي. وهذه النشاطات مفيدة وليس لها أثر سلبي في أغلب الأنهار، ولكن شاءت الظروف أن يكون لها التأثير السلبي في النيل لطبيعة النيل وضعف النظم المطيرة في شمال مجراه مع طول امتداده في تلك المناطق، ولظواهر الارتفاع الحراري وتغير المناخ الذي يهدد العالم الآن.

هذا ولأن مستوى الانحدار الطبيعي للنيل بعد مستنقعات جنوب السودان والرصيرص، كما ذُكر أعلاه، لا يتعدى بضعة سنتمترات في الكيلومتر مما يعرض تياره للبطء وبالتالي الغور والتبخر والجفاف، فإنني رأيتُ أن أكتب هذا المقال للأسباب البيئية الاستثنائية التي تنطبق على النيل والتي ذكرتها عامةً، وسوف أقوم بتفصيلها فيما يلي من مراجع نسبةً لإهمالها من قبل المخططين لمسيرته. كما ألاحظ إن النيل يحتاج لعناية فائقة لحمايته من الجفاف وإنقاذه، فهذه الأسباب الاستثنائية لا تنحصر في الخلافات بين النظم السياسية فقط ولكن تطال النظم البيئية والتي يجب أن تدرسها جهات التخطيط والمؤسسات الاستشارية التي يجري التعاقد معها.

3- الأسباب الاستثنائية في طبيعة النيل:
إنني قد أدركت أن طبيعة النيل تسقط فيها كل قواعد علم الهيدرولوجي المطبق في أنهر العالم الأخرى والتي بُني عليها علم الهيدرولوجي والذي يدرس في مثل هذه التخصصات. النيل مثلاً لحكمته تعالى يعتمد على طاقة وقوة الاستمرار أي الـ (Inertia) في مياه الفيضان وليس في ارتفاع الخزان أو الخزانات التي تحبسها والتي لا يمكن أن تساوي ارتفاع المنحدرات التي جاءت منها والتي يمثلها الـ (Velocity head) وليس ارتفاع الخزانات الساكنة التي أضاعتها باحتجازها فيها، ولذا كان الخبراء السودانيون لا يقفلون الخزانات إلا بعد أن تمر مياه الفيضان تلك، ولولا هذه الحكمة ومياه الفيضان لما وصلت تلك المياه للبحر الأبيض المتوسط.

إنني سعيد بأن أنعم الله على إثيوبيا بمزية توفر إمكانات توليد الطاقة الكهربائية المائية واستغلالها فيها، والهضبة الإثيوبية أيضاً نعمة وهبها سبحانه وتعالى ليجري منها النيل للسودان ومصر، ولولاها لكانت بلاداً قاحلة، فإنها بحكمته قامت فيهما أقدم الحضارات في العالم. لذلك بفضله سبحانه وتعالى فإن على الثلاث بلاد التمسك بحكمته وتقدير فضله لرعاية هذه النعمة من الزوال.

آمل أن يرى القارئ أهمية الأسباب الاستثنائية التي أسردها.

أولاً: إن السدود والتخزين تحرم النيل من طاقة وقوة الاستمرار (The Inertia) التي في المياه المنحدرة من الهضبة لتتمكن هذه المياه من السير هذه المسيرة الطويلة في مجراه رغم معوقات الاحتجاز والاحتكاك حتى تصل وتنعم بها البلاد التي تقع على ضفافه، علماً بأنه بعد أي سد أو خزان لن تكون للمياه طاقة غير طاقة الانحدار الطبيعي إلا طاقة ارتفاع ذلك السد أو الخزان الذي يحبسها، وتفقد بالطبع طاقة الأمطار وطاقة العوالي التي جاءت منها. لهذا فإن السدود والتخزين عموماً قد تؤدي لجفاف النهر، وقد كاد أن يؤدي ذلك لجفاف دجلة والفرات لولا اقتناع تركيا بعدم بناء خزانات كبرى في أعالي النهر وكان لهم خلاف طويل مع العراق، كما أن حتى السودان وإثيوبيا من قبل قد عانتا من هذه الظواهر.

ثانياً: إن فكرة التوليد الكهربائي المائي هي نعمة ألهم سبحانه وتعالى الإنسان بها، ولكن كما قنن العرف واقتضى الآن مبدأ التنمية المستدامة التي اتفق عليها العالم فإنه يمكن الاستفادة منها لكن دون أن يحرموا الآخرين من جميعها بواسطة ما وهبه الله لهم من فكر وقدرة لتطبيقه ،لأن التوليد الكهربائي المائي إذا لم يحسب جيداً وكانت هناك مبالغة في تطبيقه فإنه سينتزع كل الطاقة التي كان من الممكن أن تجعل النهر جارياً. فهي مياه عادمة ”Industrial Waste“ تعيق المياه العارمة العذراء المنحدرة دون الدخول في التوربينات.

4- الختام:
كيف يمكن أن تساعد العلوم والتكنولوجيا في قهر التصحر وتنمية البيئة الطبيعية واستعادة النظم البيئية المطيرة لزيادة وتأمين الإنتاجية الزراعية والحيوانية

المرجع:

باللغة الإنجليزية: هل يمكن أن تساعد العلوم والتكنولوجيا الإنسان لاستعادة الخضرة الطبيعية؟
كتاب "التصحر في الألفية الثالثة” مؤتمر دبي 2000م
الناشرون عن أمانة جائزة الشيخ زايد سويتس وزالنجر هولندا (2003م)
ISBN 90 58095711 p. 399 – 406
يجب العمل لإنقاذ وحماية النيل
من تأثير الارتفاع الحراري العالمي وتوسع المدارات الاستوائية
وتغير المناخ والتوسع في الأنشطة البشرية السالبة

المياه العادمة والمياه العارمة

أ- إن الأنشطة البشرية السالبة التي ذكرتُها يجب البحث والدراسة لتحييدها خاصةً التوليد الكهربائي المائي، فإنه إذا لم يُحسب بدقة فإنه سينتزع كل الطاقة التي كان من الممكن أن تجعل النهر جارياً، وأقول كمبدأ عام يعني كل البلاد الثلاث إن أي مياه تخرج منزوعة الطاقة فإنها مياه عادمة يجب ألا تُلقى في النهر، والأمثل أن تحول مباشرةً للاستزراع والتشجير، فإنها مياه عادمة بل نفايات صناعية تعيق وتكون عبئاً على المياه المتدفقة العذراء الأخرى، ويجب أن تعامل بمفهوم التعويض عن الضرر الذي اُتفق عليه في بروتوكول كيوتو مما ينقض فكرة التنمية المستدامة.

والأمثل أن تُحول مباشرةً للاستزراع والتشجير لتحسين مستويات الأمطار وجذب واستدرار السحب، مثلاً أقترح أن تستعملها إثيوبيا إذا كانت لديها مساحات قريبة تحقق الغرض، والأمثل أن تُستعمل خصماً من نصيب السودان لري كنانة والرهد بتحويلها مباشرةً من أسفل سد النهضة، كذلك من خزان الرصيرص وسد مروي والسد العالي لذلك الغرض.

ب- إن لديّ مشروع مقترح في اجتماعات التخطيط الاستراتيجي لاستعادة النظم البيئة المطيرة السابقة التي تدهورت في القرن الماضي (انظر الرسم البياني المرفق) وذلك باستزراع وتشجير مساحات مدروسة الموقع على أساس نظرية المظلة الشجرية (Tree Canopy) والمساحة ممتدة من الجنوب من المناطق التي مازالت بها الأمطار إلى الشمال لاستعادة تلك النظم السابقة. وقد كانت هنالك تجارب ناجحة في أستراليا وأمريكا بعد تدهور نظمها القديمة بسبب هجرة الأوربيين إليها مما كان يُذكر في أمريكا بـ (Gold Rush).

وفق الله الجميع للاتفاق على حلول مرضية، وهو الموفق وهو المستعان.

أ.د/ أحمد عبد الرحمن العاقب
الجمعية الهندسية السودانية
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger