الرئيسية » , , » نخب منسية: مؤثرون في حياتنا لكننا لا نكترث إلا بقليل القدر لحراكهم وسعيهم في أنحاء الأرض.. مع أصدقاء "القمطة".. سلامة بيوتنا من سلامة عمال البناء

نخب منسية: مؤثرون في حياتنا لكننا لا نكترث إلا بقليل القدر لحراكهم وسعيهم في أنحاء الأرض.. مع أصدقاء "القمطة".. سلامة بيوتنا من سلامة عمال البناء

Written By Admin on الأربعاء، يوليو 02، 2014 | 10:35 م

تقرير: يوسف حمد - اليوم التالي

يفكر المهندس محمد عبد الله في أن يجعل للجهد البدني أجرا متساويا مع الجهد الذهني والتفكيري، خصوصاً في مجال تشييد المباني والعمارات الشاهقة، نظراً لدور الجهد البدني التكميلي المهم في عملية البناء. وكذلك، للجهد الذي يبذله العمال وسط مخاطر لا حصر لها. لكن للأسف، فإن محمد نفسه عاطل عن العمل منذ سنتين وحتى الآن، وذلك تبعاً للحالة الاقتصادية المتدنية في البلاد، وتراجع إقبال الناس على تشييد المباني.

وكان البنك المركزي قد حظر في مايو الماضي تمويل البنوك للأراضي والعقارات، إلى جانب حظر شراء، وتطوير وتشييد المباني، وشراء الشقق، ما خلق ركوضا في سوق العمالة اليدوية، ووصل التراجع في طلب العمالة إلى 50 بالمائة تقريباً. لكن وسط هذا التراجع وجد زكي حسن وآخرون من العمال نصيبهم من صراع حديد القمطة ومعافرة جوالات الأسمنت الثقيلة، إلى جانب أعمال الحدادة والنجارة المسلحة التي يباشرونها بجد وإخلاص.

يقول زكي: "هذه الحرفة ذات مخاطر صعبة لا تطاق، لكننا مضطرون لمزاولتها، مقابل أجر أسبوعي، ينتظم بانتظام العمل". ويسرد بعد ذلك قصصاً مأساوية لإصابات العمل، وكيف أن العمال كثيراً ما يصابون بالكسور والرضوض والجروح من الحديد الذي يسقط عليهم، أو قد يفقد أحدهم حياته لو أخطأ في التقدير من علو "السقالة"، إلى جانب الإصابات الناجمة عن المواد الكيمائية والمشبعة والآلات المعقدة والمعدات الثقيلة المستخدمة في البناء.

وتقدر منظمة العمل الدولية الوفيات جراء حوادث العمل بأكثر من مليوني حالة، مع الاعتراف بأن هذا الرقم لا يمثل إلا قسما ضئيلاً من إجمالي الحوادث التي ستبقى غير معروفة، وغير محصية.

وفي السودان، لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد عمال البناء، فقط يشير السودانيون إلى أن غالبيتهم كانوا من أبناء جنوب السودان. وهم عادة من الأفراد الذين لم تتوفر لديهم فرص تعليمية منتظمة، فيفضلون تعلم حرفة تتحقق عبرها ذاتهم الاجتماعية، ويشرف عليهم مهندس مختص في البناء.

حين يتوفر العمل، لا يكترث زكي وأصحابه للبحث عن أدوات السلامة الحديثة، مثل الملابس ومعدات الوقاية الشخصية، أو هي ليست متاحة لهم حتى الآن، ويكفي أن يرتدي أحدهم (بناطلاً) ممزقاً مع (فانلة)، ويحذق بعد ذلك كيفية تفادي الوقوع أرضاً، وعدم الدخول تحت الصاج غير المؤمن تأمينا جيداً في حالة المباني تحت الشييد. ورغم الحرص الشديد يلاحظ ارتفاع نسبة الإصابات وسط العمال، بل "لا يخلو تنفيذ مبنى من وجود ضحية" كما يقول زكي. ومن هنا تبرز أهمية صاحب العمل كمسؤول يقع عليه واجب صيانة السلامة والصحة المهنية لعماله، وأن تنفيذه لهذا الواجب يعتبر نهجا إنسانياً نبيلاً.

ويطالب المهندس محمد عبد الله جميع المعنيين من وزراء وأرباب عمل ونقابات بتطوير سلامة عمال البناء، وذلك إنفاذاً للاستراتيجيات العالمية للسلامة والصحة المهنية. ولا يحس رفقاء زكي الذين تحدثوا لـ(اليوم التالي) بوجود هذه الاستراتيجيات. ويقولون: "يكفي أن يتوفر العمل، ويبر صاحب العمل بدفع الأجر".

لو كان السؤدد يأتي بسلامة الجسم وقوته، لما نال أحد شيئاً مع عمال البناء والسيخ والنجارين المسلحين. وسيبقى الحفاظ على قوة هؤلاء وسلامتهم ضرورة ملحة، إذ أن "سلامة العمال تترافق مع سلامة البناء"، والعكس أيضاً صحيح إلى أن تلبى رغبة محمد عبد الله.
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger