الرئيسية » » لماذا يتعيّن على السودان الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية؟ .... د. سلمان محمد احمد سلمان

لماذا يتعيّن على السودان الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية؟ .... د. سلمان محمد احمد سلمان

Written By Amged Osman on الأحد، يونيو 01، 2014 | 12:03 م

د. سلمان محمد احمد سلمان  

نشرنا يوم الأحد 25 مايو عام 2014 مقالاً على عددٍ من المواقع الالكترونية بعنوان "مدلولات دخول اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية حيز النفاذ." وقد أوضحنا في ذلك المقال أن دولة فيتنام أصبحت في يوم 19 مايو عام 2014 الدولة الخامسة والثلاثين التي انضمّت إلى اتفاقية المجاري المائية الدولية. وقد أكملتْ دولةُ فيتنام بانضمامها العددَ المطلوبَ من التصديقات لدخول الاتفاقية حيز النفاذ. عليه فإن الاتفاقية سوف تدخل حيز النفاذ في 17 أغسطس عام 2014، اي بعد تسعين يوماً من تاريخ تاريخ إيداع الصك الخامس والثلاثين للتصديق أو القبول أو الموافقة، كما تقضي بذلك المادة 36 من الاتفاقية.

سوف نوضّح في هذا المقال أن اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية اتفاقيةٌ إطاريةٌ متوازنة، وأنه يتعيّن على السودان اللحاق، وعلى وجه السرعة، بركب الدول المتحضّرة التي انضمّت إلى هذه الاتفاقية.
2

شرحنا في مقالنا السابق أن لجنة القانون الدولي بدأت العمل في الاتفاقية في أوائل عام 1971، بعد أسابيع قليلة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 8 ديسمبر عام 1970، والذي طلبت فيه من لجنة القانون الدولي أن ”تباشر دراسة القانون المتعلّق بوجوه استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية، بقصد تطوّرِه التدريجي وتدوينه.“

أوضحنا أيضاً أن المهمة كانت في غايةٍ من التعقيد والصعوبة. فقد تطلّب الأمر ثلاثةً وعشرين عاماً، وخمسة مقررين، وخمسة عشر تقريراً قبل أن تتوصّل لجنة القانون الدولي إلى اتفاقٍ على المشروع النهائي لمواد الاتفاقية في عام 1994، وتحيله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك العام. وقد سمّت لجنة القانون الدولي الاتفاقية "اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون استخدامات المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية" والتي نشير إليها في هذه السلسلة من المقالات باتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية.

3

مضت ثلاثة أعوام أخرى بعد انتهاء لجنة القانون الدولي من عملها في عام 1994، قبل أن تجيز الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية في 21 مايو عام 1997. فبعد مناقشةٍ مطوّلة للمشروع الذي قدّمته لجنة القانون الدولي، بصيغته المعدّلة من جانب الفريق العامل، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 51/229 باعتماد الاتفاقية. وصوّت لصالح الاتفاقية مائةٌ وثلاث من الدول (من بينها السودان)، وصوّتت ضدها ثلاثُ دولٍ (بوروندي وتركيا والصين) فقط، مع امتناع سبعٍ وعشرين دولة عن التصويت.

ثم مضت سبعة عشر عامٍ أخرى قبل أن تكتمل التصديقات والموافقات المطلوبة لدخول الاتفاقية حيز النفاذ. وقد عدّدنا الدول التي أصبحت أطرافاً في الاتفاقية، وهي:

من أوروبا: فنلندا، النرويج، المجر، السويد، هولندا، البرتغال، المانيا، اسبانيا، اليونان، فرنسا، الدنمارك، لكسمبرج، ايطاليا، الجبل الأسود، المملكة المتحدة، ايرلندا.

من أفريقيا: جنوب أفريقيا، ناميبيا، غينيا بيساو، بوركينا فاسو، نيجيريا، النيجر، بنين، تشاد، وساحل العاج.

من الشرق الأوسط: سوريا، لبنان، الأردن، العراق، ليبيا، تونس، قطر، المغرب.

من آسيا: أوزبكستان وفيتنام.

ونعدّد أدناه الأسباب التي نرى أنه يتعيّن بموجبها انضمام السودان إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية، واللحاق بركب هذه الدول.

4

أولاً: تمثّل هذه الاتفاقية عصارة التجارب الإنسانية في قانون المجاري المائية الدولية. فقد درست لجنة القانون الدولي على مدى ثلاثة وعشرين عاماً، وتحت قيادة خمسة مقررين، القواعد والقرارات التي أصدرتها جمعية القانون الدولي (بما في ذلك قواعد هلسنكي لعام 1966)، وكذلك تلك التي أصدرها معهد القانون الدولي. كما درست اللجنة كل الاتفاقيات التي تمَّ عقدها في المجاري المائية الدولية، وقرارات المحاكم (بما في ذلك المحاكم الوطنية في الدول الفيدرالية حيث تكثر نزاعات وقضايا المياه المشتركة) وهيئات التحكيم. كما درست نتائج اجتماع الأمم المتحدة الخاص بالموارد المائية (مؤتمر مار دل بلاتا لعام 1977)، وكذلك مؤتمر ريو للبيئة لعام 1992. وقد أشارت ديباجة الاتفاقية إلى كل هذه الدراسات والتقارير والقواعد، وأوضحت أنها قد وضعت في اعتبارها ما تقدّمه المنظمات الدولية، الحكومية منها وغير الحكومية، من إسهامات قيّمة في تدوين القانون الدولي وتطويره التدريجي في هذا الميدان.

عليه فإن هذه الاتفاقية تمثّل جهداً كبيراً ومقدراً امتاز بالدقة والصبر والأناة والبحث والدراسة والاستقصاء، لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلّا وأولاها ما تستحقه من اهتمام.

5

ثانياً: انبنت الاتفاقية على مبدأ التعاون بين الدول المشاطئة للمجرى المائي المشترك، وأكّدت أن القانون الدولي للمجاري المائية هو قانون التعاون. وقد وردت كلمة التعاون ومشتقاتها حوالى خمس عشرة مرةً في الاتفاقية. وتؤكد المادة الثامنة من الاتفاقية أن التعاون بين دول المجرى المائي يتم على أساس المساواة في السيادة والسلامة الإقليمية والفائدة المتبادلة وحسن النيّة من أجل تحقيق الانتفاع الأمثل من المجرى المائي الدولي وتوفير الحماية الكافية له.

6

ثالثاً: المبدأ الأساسي للاتفاقية هو مبدأ "الانتفاع والمشاركة المنصفان والمعقولان." وتقرّر المادة الخامسة حقَّ كلٍ من دول المجرى المائي في أن تنتفع ، كل في إقليمها، بالمجرى المائي الدولي بطريقةٍ منصفةٍ ومعقولة. ولكن هذه المادة تلزم هذه الدول أيضاً أن تستخدم المجرى المائي الدولي وتُنمّيه بغية الانتفاع به بصورة مثلى ومستدامة والحصول على فوائد منه، مع مراعاة مصالح دول المجرى المائي المعنية. وتلزمها أيضاً أن يكون هذا الانتفاع على نحوٍ يتفق مع توفير الحماية الكافية للمجرى المائي.

عليه فإن الاتفاقية تعطي كل دولة من دول المجرى حقوقها في ذلك المجرى، لكنها تفرض عليها واجباتٍ تجاه دول المجرى الأخرى، وتجاه المجرى المشترك نفسه.

7

رابعاً: أرست قواعد هلسنكي في عام 1966 العوامل التي ينبني عليها مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول. وقد ارتكزت الاتفاقية على هذه العوامل مع تعديلاتٍ طفيفة اقتضتها التجارب القانونية في هذا المضمار، متمثلةً في الاتفاقيات وقرارات المحاكم وهيئات التحكيم منذ عام 1966. وتُفصِّل المادة 6 عوامل وظروف محدّدة ينبغي أخذها في الاعتبار لتحديد مفهوم الانتفاع المنصف والمعقول. وتنصّ هذه المادة على أن الانتفاع بمجرى مائي دولي بطريقة منصفة ومعقولة يتطلّب أخذ جميع العوامل والظروف ذات الصلة في الاعتبار، ومنها ما يلي:

(1) العوامل الجغرافية والهيدروغرافية والهيدرولوجية والمناخية والإيكولوجية وغيرها من العوامل ذات الصفة الطبيعية؛

(2) الحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدول المجرى المائي المعنية؛

(3) السكان الذين يعتمدون على المجرى المائي في كل دولةٍ من دول المجرى المائي؛

(4) آثار استخدام أو استخدامات المجرى المائي في إحدى دول المجرى المائي على غيرها من دول المجرى المائي؛

(5) الاستخدامات القائمة والمحتملة للمجرى المائي؛

(6) حفظ الموارد المائية للمجرى المائي وحمايتها وتنميتها والاقتصاد في استخدامها وتكاليف التدابير المتّخذة في هذا الصدد؛

(7) مدى توافر بدائل، ذات قيمة مقارنة، لاستخدام معين مزمع أو قائم.

وتنصُّ المادة 6 أيضاً على أن الوزن الممنوح لكل عامل من العوامل يُحدّد وفقاً لأهميته مقارنةً بأهمية العوامل الأخرى ذات الصلة.

ورغم أن مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول هو الركيزة الأساسية للاتفاقية (ولقانون المياه الدولي)، إلا أن الاتفاقية تضمّنت أيضاً مبدأ عدم التسبّب في ضررٍ ذي شأن لدول الحوض الأخرى. لكن الاتفاقية أخضعت مبدأ عدم الإضرار لمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول الذي يعطي كل دولة حقَّها بناءً على العوامل سالفة الذكر. كما يجب التأكيد على أن هذه العوامل ترجّح كفة السودان كثيراً في أيّة مفاوضاتٍ مستقبلية حول مياه النيل.

8

خامساً: تضمّنت الاتفاقية أيضاً مبادئ أساسية في القانون الدولي للمياه، مثل الإخطار المسبق لدول الحوض الأخرى عن المشاريع والبرامج التي تزمع تلك الدولة بناءها، وعن التبادل المنتظم للمعلومات والبيانات عن حالة الحوض المشترك. كما تضمّنت نصوصاً عن الحماية البيئية للحوض، وعن الحل السلمي للنزاعات.

عن الإخطار المسبق فإن الاتفاقية تتطلّب، قبل أن تقوم دولة من دول المجرى المائي أو أن تسمح بتنفيذ تدابير مزمع اتخاذها يمكن أن يكون لها أثرٌ ضارٌ ذو شأن على دول أخرى من دول المجرى المائي، أن توجّه إلى تلك الدول إخطاراً بذلك في الوقت المناسب. ويكون هذا الإخطار مصحوباً بالبيانات والمعلومات الفنية المتاحة، بما في ذلك نتائج أي عملية لتقييم الأثر البيئي، من أجل تمكين الدول التي تمَّ إخطارها من تقييم الآثار الممكنة للتدابير المزمع اتخاذها. ويجب توضيح أن الإلتزام بالإخطار المسبق ينطبق على كل الدول، سواءٌ كانت في أعالي المجرى أم في أسافله. وفي هذا حماية كاملة للسودان من دول جانبي الحوض.

9

سادساً: قُوبلت الاتفاقية بالتأييد الكامل من كل الجهات القانونية في العالم. فقد تبنّتها محكمة العدل الدولية بعد أقل من أربعة اشهر من إجازتها بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة في قضية نهر الدانوب بين سلوفاكيا والمجر. فقد أشارت المحكمة إلى الاتفاقية ووسّعت في معاني المبادئ الأساسية التي تضمّنتها. ففي هذه القضية أكّدت المحكمة على مفهوم الانتفاع المنصف والمعقول حين قضت بأن ”يتم تنفيذ البرنامج المتعدد الأغراض، في شكل وحدة منفردة منسقة، لاستخدام المجرى المائي وتنميته وحمايته، بشكلٍ منصفٍ ومعقول.“ كما أكّدت المحكمة على أنه لكل دولةٍ حقٌ أساسيٌ في المجرى المائي المشترك. ولم تشر المحكمة إلى الالتزام بعدم التسبّب في ضرر كمبدأ منفصل مما يعني تأكيد المحكمة لإرتكاز القانون الدولي للمياه على مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول.

كما أيّد الاتفاقية المجلس العالمي للمياه، والشراكة الدولية للمياه، وأصبحت تُدرّس في كليات القانون حول العالم باعتبارها تدويناً وتطويراً للقانون الدولي للمياه. كما أن الاتفاقية ستصبح المرجع الأساسي لكل المحاكم ولجان التحكيم وفضِّ المنازعات في قضايا المياه المشتركة.

10

سابعاً: انضمت للاتفاقية ست عشرة دولة أوروبية رغم أن الدول الأوروبية لها اتفاقيتها الخاصة بالمجاري المائية الدولية. كان الغرض من هذا الانضمام هو تأكيد المبادئ التي تضمّنتها اتفاقية الأمم المتحدة، والتي لا تختلف عن الاتفاقية الأوروبية للمجاري المائية من حيث ارتكازها على مبدأ التعاون. كما قامت مجموعة دول الجنوب الأفريقي للتنمية بتعديل بروتوكولها الخاص بالمجاري المائية المشتركة لتضمين المبادئ التي شملتها اتفاقية الأمم المتحدة في ذلك البروتوكول. وقامت دول نهر الميكونغ بإجازة قواعد عن الإخطار المسبق كانت انعكاساً تاماً للقواعد المضمّنة في اتفاقية الأمم المتحدة. وهذا يؤكد أيضاً القبول الدولي الواسع للاتفاقية.

11

ثامناً: تُعدُّ اتفاقية الأمم المتحدة اتفاقيةً إطارية تهدف إلى كفالة استخدام المجاري المائية الدولية، وتنميتها والحفاظ عليها وإدارتها وحمايتها، وتعزيز استخدامها بصورة مثلى ومستدامة من قِبَل أجيال الحاضر والمستقبل. واعتبارها اتفاقيةً إطاريةً نابعٌ من أنها تتناول بعض الجوانب الإجرائية الأساسية وثلّة قليلة من الجوانب الموضوعية، وتترك التفاصيل للدول المشاطئة لتكملها في اتفاقاتٍ فيما بينها تأخذ في الاعتبار الخصائص المحدّدة للمجرى المائي المعني. ولتلك الاتفاقات أن تتبنّى أحكام الاتفاقية أو تُكيّفها. وعليه فإن الاتفاقية تعطي مساحةً واسعة للدول المشاطئة في تفاصيل التفاوض على اتفاقياتها.

وكما ذكرنا أعلاه فليست هناك محاصصة في الاتفاقية، كما أنه ليست هناك أي نصوصٍ عن تسعيرة للمياه وتفاصيل أسس بيعها وشرائها بين الدول كما يدّعي بعض "الخبراء السودانيين."

12

تاسعاً: يدّعي بعض مستشاريي وزارة الري والموارد المائية السودانيين السابقين أن تعريف دول المجرى ليشمل "منظمة إقليمية للتكامل الاقتصادي يقع في إقليم دولة أو أكثر من الدول الأعضاء فيها جزء من مجرى مائي دولي" سوف يفتح الباب لدولة إسرائيل لتكون دولة نيلية بحكم عضويتها في عددٍ من المنظمات الإقليمية للتكامل الاقتصادي التي قد تصبح طرفاً في الاتفاقية. وهذا سخفٌ ما كنا سنتناوله بالرد لولا أن احتمال إثارته مرةً أخرى أمرٌ وارد.

تعرّف الاتفاقية "المنظمة الإقليمية للتكامل الاقتصادي" بأنها "أي منظمة تشكلها دول ذات سيادة في منطقة إقليمية معينة وتنقل إليها الدول الأعضاء فيها الاختصاص فيما يتعلق بالمسائل التي تنظمها هذه الاتفاقية وتأذن لها حسب الأصول وفقا لإجراءاتها الداخلية بأن توقعها وتصدق عليها وتقبلها وتوافق عليها وتنضم إليها." إن المنظمة الإقليمية يتمُّ التعامل معها بمقتضى الاتفاقية كشخصية اعتبارية قائمة بذاتها، وليست هذه الدول نفسها. وقد تمّت إضافة هذا النص حتى يتسنى لمنظمات الاتحاد الأوروبي القيام بهذا الدور.

وترفض دولة إسرائيل اتفاقية الأمم المتحدة رفضاً قاطعاً لأن الاتفاقية ترتكز على مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول. فدولة إسرائيل قامت وتقوم بالاستيلاء على مياه الفلسطينيين وبيعها لهم، ولا تحترم أي مبادئ للقانون الدولي خصوصاً المبادئ المتعلّقة بالمياه الدولية. كما يجب التذكير أن ثماني دول عربية قد انضمت للاتفاقية، من بينها الأردن ولبنان التي تهدّد إسرائيلُ حقوقها المائية في نهر الأردن ونهر الليطاني. ومن بين هذه الدول أيضاً العراق وسوريا التي ستصبح إسرائيل بمقتضى هذا المنطق الأعوج دولةً مشاطئة معهما لنهري دجلة والفرات.

وقد تبنّى بعض الفنيين المصريين قبل عدة سنوات هذه النظرية المدهشة، لكنهم تراجعوا عنها أخيراً بعد أن سخر الخبراء العالميون منهم في عددٍ من المؤتمرات الدولية للمياه. غير أن المستشارين السودانيين السابقين الذين لا يحضرون هذه المؤتمرات ما يزالون يكرّرون هذا الرأي المصري الذي تخلّت مصر عنه.

13

عاشراً: لقد صوّت السودان لصالح الاتفاقية في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 مايو عام 1997، وأشاد بها كتابةً إلى احدى لجان الاتفاقية. لكن وفده عاد إلى الخرطوم وبدا عليه الارتباك والتخبّط. لم يوصِ الوفد بتوقيع السودان على الاتفاقية، ثم بدأ يتراجع ويتخذ منها موقفاً منتقداً يوضح عدم الفهم بأساسيات الاتفاقية.

لا بد أن الضغوط المصرية على السودان بأن لا يوقّعَ أو ينضمَ للاتفاقية هي السبب الرئيسي لهذا الموقف السوداني المضطرب والمرتبك. فمصر تعارض الاتفاقية لأنها تعتقد أن الاتفاقية لا تعطي الوزن اللازم للحقوق المكتسبة، وأن الاتفاقية ترجّح مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول. وقد امتنعت مصر عن التصويت، وظل موقفها منتقداً للاتفاقية.

14

احدى عشر: لقد أخذت الاتفاقية حوالى سبعة عشر عاماً لتدخل حيز النفاذ. غير أن الكثير من الدول تعدُّ العدة الآن للانضمام للاتفاقية. وهذه ظاهرة تتكرّر في معظم، إن لم نقل كل، الاتفاقيات الدولية. فالدول تتردّد في البداية ولكن بمجرد دخول الاتفاقية حيز النفاذ، فإن معظم الدول تسارع خطاها نحو الانضمام للاتفاقية خوف العزلة الدولية. فالنجاح له الكثير من الآباء، بينما الفشل دائماً يتيم الأبوين. عليه فسيجد السودان نفسه خلال سنوات قليلة معزولاً مع عددٍ قليلٍ من الدول التي لم تنضم للاتفاقية.

15

كما ذكرنا أعلاه فإن اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية هي اتفاقيةٌ إطارية تهدف إلى كفالة استخدام المجاري المائية الدولية، وتنميتها والحفاظ عليها وإدارتها وحمايتها، وتعزيز استخدامها بصورة مثلى ومستدامة من قِبَل أجيال الحاضر والمستقبل. وقد أكّدت الدول التي انضمت إلى الاتفاقية قناعتها بضرورة التعاون في مجال المجاري المائية الدولية بغرض حمايتها وإدارتها إدارةً تعاونيةً مشتركة. وهذه قناعاتٌ يجب أن يتبنّاها السودان أيضاً بالانضمام لهذه الاتفاقية.


Salmanmasalman@gmail.com
www.salmanmasalman.org
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger