الرئيسية » » حال الحول على شروني ولم يزل المواطنون يجفّفون حبات العرق خلال ترحالهم اليومي إلى قلب "العربي".. أين تتموضع الخطى بعد قرار العودة للاستاد وتجفيف الموقف المرفوض منذ إنشائه؟

حال الحول على شروني ولم يزل المواطنون يجفّفون حبات العرق خلال ترحالهم اليومي إلى قلب "العربي".. أين تتموضع الخطى بعد قرار العودة للاستاد وتجفيف الموقف المرفوض منذ إنشائه؟

Written By sudaconTube on الخميس، مايو 29، 2014 | 4:14 م

اليوم التالي - مهند عبادي

عام ونيف مر على إعلان حكومة ولاية الخرطوم لسياسة نقل المواقف وتحويلها لمحطات تبادل بدلاً عن المواقف الثابتة وتحديدها لمجموعة من الخطوط الدائرية التي تعمل للربط بين محطات الاستاد وجاكسون وشروني في قلب الخرطوم، وهي السياسة التي عادت عليها بسخط وغضب شديدين، نظراً للمعاناة الكبير التي عايشها سكان الخرطوم طيلة هذه الفترة، تنقلاً بين المحطات المذكورة.. حال الحول على شروني وزادت عليه بضع شهور، ولم يزل المواطنون يلتقطون أنفاسهم ويجففون حبات العرق خلال الترحال اليومي من شروني إلى قلب السوق العربي، المؤسسات الحكومية، المستشفيات، الشركات والجامعات وغيرها من المواقع التي يرتادها الناس وهم مسلمين بقضاء الله وقدره، وفتح ذلك باباً واسعاً للسخرية والنكات أمس الأول، وعبارات الاستهجان واللعنات لم تغادر بعد ألسنة المواطنين الراجلين ما بين شروني وجاكسون في الفناء الذي ترقد فيه السكة حديد، وهم يجرجرون أذيال الخيبة في حكومة يصفونها بإتقان ابتداع كل ما هو جديد ويفضي إلى (تلتلة) الناس وإغراقهم في دجى الهموم المتراكمة.

محلية الخرطوم فاجأت الجميع بإعلانها تجفيف وإعادة خطوط المواصلات من موقف شروني إلى منطقة استاد الخرطوم، وتحويل بعض مسارات الخطوط القادمة من بحري في خطوة ربما تفتح على حكومة الخرطوم أبواباً جديدة من التندر والسخرية، وتزيد من مساحات الغيظ المعتملة في نفوس المواطنين، وتأتي تلك الخطوة لتحفظ بعضاً من ماء وجه حكومة الولاية الشاحب بفعل السخط الذي طاله خلال السنوات الماضية، وما تفجر فيها من قضايا صب المواطنون بسببها جام غضبهم على المسؤولين في الخرطوم. المؤكد أن موجة الغضب الشعبي على سياسة نقل المواقف في العام السابق ومحطة شروني تحديداً تسببت في حرج كبير للحكومة لما نالها من لعنات ربما قد تتبدل لمديح بعد أوبة السلطات لرشدها بإرجاع الموقف للاستاد، ما يعني اهتمامها بخدمة المواطنين وتوفير سبل نقل ومواقف مريحة ترتبط بأماكن العمل والدراسة.. وقلب الخرطوم، منطقة السوق العربي، مركز ومقصد أغلب الأعمال.. التحويل حينها كانت قد نتجت عنه أزمات حقيقة عانى منها المواطنون وزادت من ندرة المواصلات.

مشكلة المواصلات استمرت في تأزمها ولم يفلح التحويل في حل المشكلة القائمة أصلاً، فالأزمة بحسب مراقبين لم تكن تكمن في عدم القدرة الاستيعابية للمواقف لكمية الحافلات والبصات، وإنما كانت لخلو تلك المواقف من الحافلات في أوقات الذروة، وهي القضية والسياسة التي ينبغي للحكومة معالجتها وإيجاد الضوابط اللازمة لها بدلاً عن التفكير والشروع في نقل الموقف و"تلتلة" المواطنين المنكوين بنيران الانتظار واللهث وراء الحافلات الصغيرة والكبيرة وقضاء الساعات الطوال أملاً في الظفر بمقعد لمغادرة محطة المعاناة اليومية التي كان من الأجدى لحكومة الولاية أن لا تهدر أموالها في استجلاب بصات وتشييد موقف جديد لم يسهما بأي شكل في حل أزمة المواصلات بالخرطوم، والتي إن كان فيها مسؤول مهتم بحل تلك القضية ينزل للمواقف ويشاهد الواقع بلا رتوش أو تقارير مزيفة، حتماً ستفجعه الحالة التي وصلت دركاً سحيقاً.

ووصلت آخر تقليعات وصيحات الأزمة الآن محطة اللاعودة، وصار الأمر بيد سائقي الحافلات، فربما يقود الطمع البعض لعدم نقل الركاب وإيصالهم لآخر محطة، فمثلاً خط مثل "جبرة السوق العربي" يستغل السائقون حاجة المواطنين بتقسيم الرحلة لمرحلتين، الأولى يشحن من العربي إلى السوق الشعبي، وبعد إنزال الركاب يقوم بالمناداة (جبرة جبرة ) وكذا الحال في مجموعة من الخطوط الأخرى التي لا يختلف فيها الواقع كثيراً، ولا أحد بيده أن يوقف ذلك العبث، فالنقابة غارقة إلى أذنيها في التحصيل غير المنطقي والذي يشتكي بعض السائقين منه مر الشكوى، بجانب أن أعضائها هم في الأساس أصحاب مركبات نقل عام يهمهم جداً زيادة الإيرادات ولا يجدون حرجاً في ذلك ما دام الحكومة غائبة عن دورها الأساسي في مراقبة خدمة المواصلات بعد سياسة التحرير، وتركت الحبل على غارب السماسرة والكمسنجية والنقابة يتحكمون فيه كما يشاءون دون مراعاة حال المواطنين، وفي مثل ذلك الوضع ليس بغريب أن تسير أزمة الموصلات من سيئ إلى أسوأ مع صباح كل يوم جديد، ولن يلوح بريق أمل بانتهاء عصر الأزمة في قطاع المواصلات الذي فشلت شركة المواصلات بكل أسطولها الذي استوردته حكومة الولاية من حل الأزمة، بل إن هناك من يدمغ البصات بتعقيد المشكلة.

وتلوح في الأثناء مفارقات في العمل وقدرة البصات على تغطية الفجوة التي تحدث في الخطوط نتيجة لخروج كمية من الحافلات عن الخدمة خصوصاً عقب المغرب.. ومن ضمن تلك المفارقات اتهامات لتصرُّف بعض السائقين في كوتة الجازولين التي توفرها إدارة البترول لمركبات النقل العام دون العمل في الخطوط، وبيع تلك الكمية من الجاز لمركبات أخرى بأسعار أقل، وبالتالي يكون السائق قد حقق يوميته دون العمل ساعات طويلة، ويؤثر ذلك على مجموع المركبات العاملة في الخطوط بقلة عدد البصات، وتظهر عند الذروة الفجوة الكبيرة بفعل خروج الحافلات عن العمل عند كل مساء وندرة البصات العاملة.

المؤكد أن غياب الرؤية والملامسة الحقيقية لواقع الأزمة على الأرض، والاكتفاء بالتقارير غير الحقيقية المرسومة وفقاً لخطوات وأمنيات النقابة ودهاقنتها المتمترسون خلف ذلك الواقع، ويلوحون في أوقات كثيرة بزيادة تعرفة المواصلات ويروجون لعدم مواكبتها للغلاء في سوق قطع الغيار.. كل ذلك يجعل من إيجاد حل للقضية غير وارد في الوقت الحالي تحديداً، ويلزم ذلك دراسة حقيقية ومجردة عن أي طموحات أو مطامع وتراعي حقوق النقابة والحكومة والمواطنين باعتبارها خدمة تخصهم في الأساس، وكل تلك الأطراف مجرد منتفعين.. مما تدره عليهم تلك المركبات من أموال يدفعها المواطن من حر ماله في مقابل حصوله على خدمة ينبغي أن تقدم له بطريقة لائقة تجنبه المشقة والعنت، وتعين خطواته على ملاحقة ظروف الحياة.
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger