(1)
التناقض الشديد من أجمل ما تجده في السودان، فالخرطوم العاصمة التي بها نهران هما النيل الأزرق والنيل الأبيض تعاني من انقطاع دائم في المياه، وفي الوقت الذي تحتل فيه شواطئ الأنهار في العواصم العالمية المباني الجميلة والحدائق والمطاعم وغيرها.
فإنك لا تجد إلا الأراضي القاحلة المقفرة على صفاف نهر النيل مع مشروع لم يستكمل على ضفة النهر من ناحية أم درمان كانت قد بدأته شركة قطرية لكنه توقف.
ولا عجب حينما تجد شارع الحرية يقودك إلى السجن وشارع الغابة يقودك إلى القصر الرئاسي، وأن تجد بلد المائة وأربعين مليون رأس من الماشية تستورد الحليب المجفف من هولندا والدانمارك وكلا البلدين لا تزيد ثروتهما الحيوانية على عشرة ملايين رأس، وقد أبلغني الزميل أحمد بشتو معد ومقدم برنامج «الاقتصاد والناس» أنه ذهب إلى تجمعات بها عشرات الآلاف من الماشية داخل السودان فوجد أهلها يحلبون النوق والبقر والشياه ولأنه لا توجد لديهم أية وسيلة لحفظ الألبان فإنهم يحفرون حفرة كبيرة في الصحراء يلقون فيها الحليب، ولو كانت هذه الثروة الحيوانية في أي دولة من دول العالم لتحولت إلى أكبر مصدر للحليب والألبان، ورغم أن الأراضي الصالحة للزراعة في السودان تزيد على 45 مليون فدان إلا أن الاهتمام لا يتجاوز الأراضي المروية التي لا تتجاوز أربعة ملايين فدان، أما الأراضي التي يمكن أن تروى على المطر ويمكن أن تدر ذهبا على السودان فلا يوجد اهتمام بها أو رعاية لها حتى لو زرعت أعلافا في ظل أن طن العلف يتجاوز 600 دولار في الأسواق العالمية فإنها ستصبح مصدرا ذهبيا للسودان،
ولدى السودان وفرة كبيرة من المياه تتجاوز نصيبها في نهر النيل حيث تبلغ نسبة حصتها من الأمطار 1200 مليار مكعب من مياه الأمطار سنويا وقد أبلغني الخبير الاقتصادي السوداني محمد إبراهيم كبج، وهو موسوعة اقتصادية رقمية للسودان، أن هذا الرقم يوازي نصيب السودان من مياه النيل الذي لا يزيد على 18 مليار ونصف المليار من الأمتار المكعبة من المياه بأكثر من أربعين ضعفا ولو استفادت السودان من مائة مليار متر مكعب فقط من مياه الأمطار أي أقل من العشر فإنها سوف تحصل على ما يوازي خمسة أضعاف مياه النيل، وأن مياه الأمطار تساعد على زراعة 20 مليون فدان بالوسائل البدائية التي تعود إلى العصر الحجري وهي أن يحفر المزارع الأرض «بالسلوكة» وهي عصي بها رأس مدببة ويضع البذرة ثم يردمها ويتركها للأمطار،
ولو أن الحكومة قامت باستخدام وسائل حديثة للزراعة في هذه الأماكن لكان الإنتاج الزراعي والحصاد كافيين لإطعام القارة الإفريقية بأكملها لا أن تستورد السودان ربع غذائها، كما أن تغيير عادات السودانيين في أكل الذرة والدخن «بضم الدال» إلى أكل القمح قد ضاعف من الفاتورة الغذائية وجعل السودان تستورد أغذية بما يوازي 18 ضعفاً ما كانت تستورده قبل عام 1990، ويتحدى كبج الحكومة في أن تكذب أو نتفي ما يؤكد عليه من أن حجم دخل السودان من النفط منذ بداية تصديره وحتى عام 2012 يزيد على 70 مليار دولار وهي ثروة هائلة لم يظهر أي أثر لها في أي من مناحي الحياة في السودان على اعتبار أن المشروعات الكبرى التي أنجزت من السدود والطرق والكباري هي ديون على الأجيال القادمة أن تقوم بسدادها.. نكمل غدا.
(2)
نشر كثير من ابناء السودان المخلصين المقالات و الكتب حول الواقع الاقتصادي للسودان دون ان يأخذ بكلامهم احد ، وهذا ما يجرى في معظم الدول العربية حيث «بلبل الحي لا يطرب » وكل من يقول ويعرف يستبعد .
ويوكل الامر الى آخرين ليس من المهم ان تكون لديهم المعرفة والحلول للمشاكل ولكن من المهم ان تكون لديهم حرفة التماهي مع الانظمة والذوبان فيها ومعرفة ماذا يريد الحاكم حتى يتم العزف على الوتر الذي يحب ويريد, فالسودان سلة غذاء العالم تستورد مليونين ونصف المليون طن من القمح ، وانتاج الحبوب يتذبذب فيها بطريقة مخيفة ولا توجد رؤية لتحويل البلاد لتكون مصدرا للغذاء حيث خلقها الله لتكون كذلك مياها وفيرة ارضا خصبة وامطارا غزيرة فخطط التنمية الزراعية كلها قاصرة ولا تحقق اهدافها، حينما حاولت ان اعرف السبب في كون اللحوم السودانية غير مرغوبة دوليا رغم الغنى الشديد في الثروة الحيوانية مائة واربعين مليون راس ماشية اكتشفت ان السبب يكمن في شيئين الاول هو انه لا يوجد اهتمام من الحكومة بتنمية المراعي حيث تتواجد الماشية فتضطر الماشية لتمشي مئات او آلاف الكيلو مترات حتى تحصل على الغذاء من ثم فان لحومها لا تكون طرية وانما تصبح معضلة جافة مما يجعل الناس تعرض عن أكلها ، لان الجميع يحب اللحوم الطرية وهذا ما يجعل بعض انواع اللحوم يصل سعر الكيلو فيها ربما الى سعر بقرة كاملة بسبب النعومة وطريقة التربية والعلف وعدم اجهاد الحيوان في الرعي لمسافات بعيدة للحصول على الطعام ، وبالنسبة للمراعي هناك تقرير رسمي من وزارة الزراعة في السودان يشير الى ان المراعي الطبيعية في البلاد تغطي 49% من احتياجات الماشية وهذا يعني ان الماشية في السودان شأنها شأن الانسان تعيش سوء تغذية حيث يعاني اكثر من خمسة ملايين من سوء التغذية ، اما نصيب السودان من الغابات فقد انخفض بعد انفصال الجنوب ليصبح 10 % فقط من المساحة بعدما كان يساوي 30 % من مساحة السودان قبل الانفصال وقد اثر هذا دون شك على الغذاء الذي يأتي من الغابات .
الذي لا يعلمه كثير من الناس هو ان السودان عبارة عن بحيرة من الذهب ، فتراب السودان يختلط بالذهب وهذا ما جعل كثيرا من ابناء السودان منشغلين خلال السنوات الماضية باستخراج الذهب من على سطح الارض ودون ان يكونوا بحاجة الى الحفر بعمق، وهذا ما شغل الناس عن الحكومة حيث نجح كثير من الناس في استخراج كميات من الذهب وان كانت صغيرة لكنها في مجموعها كانت كبيرة سترت كثيرا من الناس وشكلت دخلا جيدا بالنسبة لهم ، ولو قامت الحكومة بالتخطيط الاستراتيجي للاستفادة من الذهب الموجود في الاعماق لعوضها ذلك عن النفط الذي يوجد معظمه تحت سيطرة حكومة الجنوب.
ويوكل الامر الى آخرين ليس من المهم ان تكون لديهم المعرفة والحلول للمشاكل ولكن من المهم ان تكون لديهم حرفة التماهي مع الانظمة والذوبان فيها ومعرفة ماذا يريد الحاكم حتى يتم العزف على الوتر الذي يحب ويريد, فالسودان سلة غذاء العالم تستورد مليونين ونصف المليون طن من القمح ، وانتاج الحبوب يتذبذب فيها بطريقة مخيفة ولا توجد رؤية لتحويل البلاد لتكون مصدرا للغذاء حيث خلقها الله لتكون كذلك مياها وفيرة ارضا خصبة وامطارا غزيرة فخطط التنمية الزراعية كلها قاصرة ولا تحقق اهدافها، حينما حاولت ان اعرف السبب في كون اللحوم السودانية غير مرغوبة دوليا رغم الغنى الشديد في الثروة الحيوانية مائة واربعين مليون راس ماشية اكتشفت ان السبب يكمن في شيئين الاول هو انه لا يوجد اهتمام من الحكومة بتنمية المراعي حيث تتواجد الماشية فتضطر الماشية لتمشي مئات او آلاف الكيلو مترات حتى تحصل على الغذاء من ثم فان لحومها لا تكون طرية وانما تصبح معضلة جافة مما يجعل الناس تعرض عن أكلها ، لان الجميع يحب اللحوم الطرية وهذا ما يجعل بعض انواع اللحوم يصل سعر الكيلو فيها ربما الى سعر بقرة كاملة بسبب النعومة وطريقة التربية والعلف وعدم اجهاد الحيوان في الرعي لمسافات بعيدة للحصول على الطعام ، وبالنسبة للمراعي هناك تقرير رسمي من وزارة الزراعة في السودان يشير الى ان المراعي الطبيعية في البلاد تغطي 49% من احتياجات الماشية وهذا يعني ان الماشية في السودان شأنها شأن الانسان تعيش سوء تغذية حيث يعاني اكثر من خمسة ملايين من سوء التغذية ، اما نصيب السودان من الغابات فقد انخفض بعد انفصال الجنوب ليصبح 10 % فقط من المساحة بعدما كان يساوي 30 % من مساحة السودان قبل الانفصال وقد اثر هذا دون شك على الغذاء الذي يأتي من الغابات .
الذي لا يعلمه كثير من الناس هو ان السودان عبارة عن بحيرة من الذهب ، فتراب السودان يختلط بالذهب وهذا ما جعل كثيرا من ابناء السودان منشغلين خلال السنوات الماضية باستخراج الذهب من على سطح الارض ودون ان يكونوا بحاجة الى الحفر بعمق، وهذا ما شغل الناس عن الحكومة حيث نجح كثير من الناس في استخراج كميات من الذهب وان كانت صغيرة لكنها في مجموعها كانت كبيرة سترت كثيرا من الناس وشكلت دخلا جيدا بالنسبة لهم ، ولو قامت الحكومة بالتخطيط الاستراتيجي للاستفادة من الذهب الموجود في الاعماق لعوضها ذلك عن النفط الذي يوجد معظمه تحت سيطرة حكومة الجنوب.
ولا يقتصر الامر على الذهب حيث تغطي المعادن 46 % من مساحة اراضي السودان وتشمل الذهب والفضة والزنك والنحاس و المنجنيز والرخام وغيره، نحن اذن امام واحدة من اغنى دول العالم بالموارد الطبيعية والثروة الحيوانية و المعدنية لكنها بحاجة الى من يقدر قيمتها وقيمة النعم التي بها حتى ينعم بها اهلها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق