الرئيسية » » الرقم الهندسي لخريجي جامعة المستقبل – صورة من قريب

الرقم الهندسي لخريجي جامعة المستقبل – صورة من قريب

Written By Amged Osman on الأحد، فبراير 16، 2014 | 1:58 م

بقلم م. مجاهد بلال طه 

سنة الله في الكون أنه مخلوق علي نظام .. فلا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر .. ولا الليل سابق النهار .. وكل في فلك يسبحون. ومهنة الهندسة وغيرها من المهن لابد لها من نظام يدبر أمرها ويطورها، والنظام لابد له من جهة تملك حكم القانون لتطبقه .. والقانون يجتمع عليه أهل الشأن لوضعه .. لا لأهواء في نفوسهم، ولكن لشرف العلم والمعرفة التي أهلتهم أن يتبوأوا هكذا مكان .

بمنطق هذه المقدمة الفلسفية كان المجلس الهندسي قيماً علي إدارة وتنظيم شئون مهنة الهندسة في بلادنا والقائم علي أمر منح الإجازة المهنية للمهندسين وفق تخصصاتهم وخبراتهم والمسؤول عن تطوير مهنة الهندسة. وكل ذلك وفق قانون يحكم الأمر من الأهواء وحظ النفس يسمي قانون المجلس الهندسي.

مهنياً .. لايتناطح كبشان في أهمية ما تقوم به الجمعية الهندسية السودانية من أمر إجازة للمهندسين وما يقوم به المجلس الهندسي السوداني من أمر تسجيل ومنح للدرجات كالخريج والأخصائي والمستشار والتي تمنح حاملها صلاحيات منصوص عليها لممارسة المهنة، وتعتمد على ذلك بشكل أساسي مؤسسات الدولة المهنية كوزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم. ولما كان المجلس الهندسي السوداني مؤسسة رسمية حكومية، فيكون من الطبيعي والمنطقي أن تعتمد بقية مؤسسات الدولة غير المهنية علي إفادة ذلك المجلس في أهلية المهندس من عدمه.

ظهر مؤخراً بعض الخلط في أمر أهمية الرقم الهندسي وصل لدرجة الإستهزاء غير الكريم في بعض الصحف مخلوطاً بمناقشة قضية منح الرقم الهندسي لخريجي كلية كمبيوتر مان سابقاً وجامعة المستقبل حالياً، وملخص القصة مختصراً كما يلي:

أولاً .. منح القانون المجلس الهندسي حق مراجعة وإجازة البرامج الهندسية لكليات الهندسة بعد تصديق التعليم العالي .. ووفق هذا الحق أجاز المجلس برامج كلية كمبوترمان مع بعض الملاحظات علي أن تلتزم بها الكلية لاحقاً. وتخرجت عدة دفع تم منحها الرقم الهندسي بناءً علي ذلك.

ثانياً .. راجع المجلس الهندسي الكلية لاحقاً في أمر الملاحظات والتي كان أهمها يناقش مسألة نظام التدريس بالكلية والذي يتبع برنامج الساعات المعتمدة (credit hours ( بدلاً عن نظام الفترات الدراسية ((semesters والذي تعمل به معظم الجامعات الأخري، وأصل الخلاف في أن طالب الكلية يتخرج في ثلاث سنوات ونصف في حين يطالب المجلس الهندسي أن يكون تخريج الطالب في خمس سنوات .. وشرح الأمر يطول لانه خلاف علمي معتبر ولكل دفوعاته التي يضيق المقام عن سردها.

ثالثاً .. تطاول الخلاف ولم يتم حسمه في حينه فقرر علي إثره المجلس الهندسي لاحقا إيقاف منح الرقم الهندسي لخريجي الكلية بإعتبار عدم إستيفائهم للمتطلبات العلمية وفق رؤية اللجان العلمية للمجلس الهندسي وأصرت إدارة الكلية (جامعة المستقبل لاحقاً) علي رأيها بإعتبار أن ماتقوم به من طرق تدريس يتم إتباعه في العديد من دول العالم.

رابعاً .. كان أثر عدم حسم المشكلة في حينها والتغيير الدوري للجان المجلس الهندسي .. كان الاثر تضرر عدد كبير من الخريجيين الذين منحتهم الجامعة شهاداتها ووثقتها لهم وزارة التعليم العالي والخارجية ورفض المجلس الهندسي منحهم الرقم الهندسي لممارسة المهنة. والحق يقال .. وبعيداً عن الخلاف .. فإن أولئك الخريجين وبشهادة مؤسسات العمل كانوا من المنافسين في مجالاتهم ربما لإتقانهم برامج الحاسوب وتطبيقاتها والتي تعتمدها الجامعة في منهجها مما منحهم ميزة إضافية في سوق العمل. وطرق أولئك الشباب جميع الأبواب التي يمكن أن تخطر ببالهم وتطاول أمرهم ووقع عليهم وعلي أسرهم ظلم بين إثر خلاف لا ناقة لهم فيه ولاجمل.

خامساً .. في العام 2011 وقع وزير تنمية الموارد البشرية الأستاذ كمال عبد اللطيف وثيقة حل للمشكلة بحضور وزير التعليم العالي حينها بروفيسير خميس كجو كنده وآخرين تنص علي أن تلتزم الجامعة بمطلوبات المجلس الهندسي ويمنح المجلس الهندسي الخريجين رقم التسجيل .. وفي تقديري أن ذلك الإتفاق لم يجد الرعاية والمتابعة الكافية من السيد الوزير وذلك للتعديل الوزاري الذي طرأ حينها و ذهب بالأستاذ كمال عبد اللطيف إلي وزارة المعادن .. و لم تراوح المشكلة مكانها .

بعيداً عن الخلاف .. ووفق متابعتي القريبة لهذه القضية، فإن المشكلة تكمن في أمور ثلاث :

الأمر الأول .. أن القانون منح المجلس الهندسي حق مراجعة وإجازة البرامج العلمية والمقررات لكليات الهندسة مشاركاً لوزارة التعليم العالي في الأمر ولم يمنح المشرع المجلس أية سلطات لفرض عقوبات علي الكليات المخالفة كالإيقاف أو خلافه لضمان إلتزام الكليات بمطلوبات لجان المجلس الهندسي العلمية. وهذا الأمر جعل المجلس الهندسي يتمسك برأيه دون المقدرة علي فرضه ووقعت العقوبة علي الخريجين بدلاً عن الجامعة.

الأمر الثاني .. أن جامعة المستقبل إستغلت تناقض القوانين وثغراتها و تم ترفيع الكلية إلي جامعة وواصلت في برامجها كالمعتاد بدون مراعاة لحقوق خريجيها الضائعة كإلتزام مهني وأخلاقي يقع علي عاتقها.

الأمر الثالث .. لم يفتح الله علي المؤسسات المنوط بها التدخل لمعالجة هكذا خلل في القوانين وتطبيقها وسد الثغرات أمام مستغليها .. لم يفتح الله علي تلك المؤسسات كوزارة تنمية الموارد البشرية ومجلس الوزراء و لجنة التعليم العالي بالمجلس الوطني لتتدخل في الوقت المناسب لحسم الأمر علمياً ومهنياً وإزالة التضارب في القوانين ورفع الضرر عن الخريجيين. فتطاول الأمر حتي زاد عن السنوات العشر وهو مايعتبر منقصة في النظام (system) الذي يضبط عمل مؤسسات الدولة ويعمل علي حل المشكلات في حينها.

والآن .. وايضاً من واقع مشاركتي في مبادرة سابقة لتقريب وجهات النظر سعيا للحل فأني أري أن الحل العاجل والناجع يكمن في النقاط الثلاث الآتية:

النقطة الاولي .. تكوين لجنة علمية رفيعة المستوي برئاسة وزير الدولة بوزارة تنمية الموارد البشرية وعضوية لجنة التعليم العالي بالمجلس الوطني ولجنة إجازة البرامج بوزارة التعليم العالي وتمثيل المجلس الهندسي وجامعة المستقبل لتنفيذ الإتفاق حول الجزئية العلمية بالمشكلة وفق إتفاق الوزير كمال عبد اللطيف علي أن يتم التوقيع النهائي في ظرف شهرين لا أكثر.

النقطة الثانية .. تكوين لجنة رفيعة المستوي برئاسة ممثل لجنة التعليم العالي بالمجلس الوطني وعضوية وزارة التعليم العالي والمجلس الهندسي لمراجعة أمر إجازة البرامج العلمية للكليات الهندسية والخروج بالتوصيات التي تزيل التضارب وتسد الثغرات بالقوانين بالإستفادة من التجربة الماثلة علي ألا يتعدي الأمر نهاية العام 2014 علي الأكثر.

النقطة الثالثة والأهم .. تكوين لجنة إدارية وعلمية رفيعة المستوي وبإشراف مباشر من وزير تنمية الموارد البشرية وبتمثيل رفيع المستوي من المجلس الهندسي وجامعة المستقبل لإيجاد المخارج المناسبة التي يتم بمقتضاها منح الخريجين السابقين الرقم الهندسي ورفع الظلم عنهم وعن أسرهم دون اللجوء إلي الحلول غير ممكنة التنفيذ مثل جلوس خريجين لكورسات إضافية وإمتحانات أخري وهم لهم ما لا يقل عن ثمانية إلي عشرة سنوات من الخبرة العملية ويتولون وظائف قيادية داخل وخارج البلاد.

أكتب كلماتي هذه وأتمني أن تتولي وزارة تنمية الموارد البشرية مسؤولياتها بسرعة لمعالجة الأمر مع مرونة كافية من كل من المجلس الهندسي وجامعة المستقبل كيلا يتطور الأمر إلي أزمة طاحنة تؤثر علي المؤسسات الثلاث في ظل التصعيد الإعلامي الحالي الذي ينتهجه هؤلاء الأخوة المتضررون .

وإن أريد إلا الإصلاح ما أستطعت وما توفيقي إلا بالله .
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger