الرئيسية » » في دولة اللا اقتصاد ارتفع طن الأسمنت إلى ألف جنيه!!..د. هاشم حسين بابكر

في دولة اللا اقتصاد ارتفع طن الأسمنت إلى ألف جنيه!!..د. هاشم حسين بابكر

Written By sudaconTube on الاثنين، سبتمبر 02، 2013 | 2:12 م

د. هاشم حسين بابكر - الانتباهة 

حديث محافظ بنك السودان السابق عن بوادر عدم استقرار اقتصادي بسبب الارتفاع في الأسعار وعدم استقرار سعر الصرف، هذا الحديث يقلل من الواقع، فعدم الاستقرار الاقتصادي لا يلوح في الأفق كما يحذر المحافظ السابق، إنما عدم الاستقرار الاقتصادي قد توطن ومنذ زمن بعيد!!.

أما سعر الصرف فهو في ارتفاع مطرد لا يكاد يمر يوم إلا وتغير سعر الصرف وارتفع إلى أعلى، وهذا بسبب ضعف أو بالأحرى قلة الإنتاج، فسعر صرف الجنيه السوداني لا يرفعه إلا الإنتاج، وهذا أكبر عائق للتنمية!!..

الدعوات للمستثمرين الأجانب لا تقدم للاقتصاد شيئاً، في ظل نفور المستثمر المحلي عن الاستثمار فالاستثمار بالنسبة لرأس المال المحلي هو العقارات والأراضي، وهذا جعل الاستثمار الأجنبي ينحصر في المطاعم والحلويات والملاهي!!.

ارتفع سعر طن الأسمنت إلى ألف جنيه والسبب هو هبوط مستوى الإنتاج في مصانع الأسمنت بسبب قلة الوقود «الجازولين» وهنا أجد نفسي مجبراً على طرح سؤال مهم، الطاقة الكهربائية كوقود بديل للمواد البترولية وأقل تكلفة، وقد كلفت المحطات الحرارية ثلاثة مليار دولار وكلفت ذات المبلغ طاقة التوليد المائي والتي تعد الطاقة الأرخص!!.

وهذا الرقم ستة مليار دولار مقسم بالتساوي على الحرارية والمائية ذكره وزير المالية الأسبق الزبير محمد الحسن قبل عدة أعوام!!.
ما دور الطاقة الكهربائية في الصناعة!!.. والصناعة الوحيدة التي تعمل الآن هي صناعة الأسمنت اتضح أن خفض الإنتاج في الأسمنت بسبب نقص الجازولين، وقد جاء في حديث أحدهم أن إنتاج مصنعه انخفض من خمسة ألف طن في اليوم إلى ألف ونصف طن وهذا ما سبب ارتفاع سعر هذه المادة الإستراتيجية!.

كم يبلغ الإنتاج الكهربي اليومي من الحراريات والمائيات؟! أليس هذا الإنتاج كافيًا لإمداد الصناعة بحاجتها من الطاقة التي تقلل من تكلفة الإنتاج؟! وإذا كان التوليد الكهربائي لا يمد مصانع الأسمنت بما تحتاجه من طاقة، وهي الصناعة الوحيدة التي تمثل بعداً إستراتيجياً، فأين تذهب هذه الطاقة؟!.

وهل إنتاج الطاقة الكهربية بشقيها يوازي المبلغ الذي صرف فيها وهو ستة مليار دولار؟!.

إن تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي شامل يعتمد على البنيات الأساسية التي تقوم عليها التنمية ونحن نفهم التنمية مفهوم خاطئ، لأننا نعتبر إنشاء خزان هو في حد ذاته تنمية في حين أنه بنية أساسية للتنمية فما يخرج من الخزان من كهرباء أو مياه للزراعة والصناعة وما يقوم على ما يقدمه الخزان من كهرباء ومياه هو ما يساعد على التنمية، فالخزان في حد ذاته هو مجرد جدار أصم وينطبق هذا على الطرق والكباري التي يسهل نقل الإنتاج عبرها إلى الأسواق المحلية والعالمية لكننا نعتبر هذه المنشآت تنمية في حد ذاتها بينما هي بنيات أساسية تقوم عليها التنمية!!.

تكلفة النقل في ارتفاع مطرد وهي تشكل عقبة في وجه الإنتاج، وكنت ومنذ أكثر من ربع قرن من الزمان أنادي بالاهتمام بوسيلة النقل الإستراتيجية والتي تمثلها السكة حديد، وكنت أحلم بكهربة السكة حديد بعد الإعلان عن التوليد الرخيص المنتج كهرومائياً لتسيير السكة حديد بالطاقة الكهروبائية الرخيصة، ولكن منذ ذلك الوقت والسكة حديد في انحدار وتدهور ممنهج أدى إلى تحويل أكبر محطات السودان إلى مواقف للحافلات!!.

وقد كانت السكة حديد مصدراً أساسياً مع المشاريع الزراعية لدخل البلاد القومي وكانت الميزانية تعتمد عليهما بشكل أساسي ورئيسي ولكن!!.

يقول البعض إن إنتاج الذهب سوف يكون له أثر في سد العجز الذي نتج عن النقص في إنتاج البترول وأعتقد أن هذا افتراض خاطئ تمامًا، والاعتماد على ذلك الإنتاج خطأ إستراتيجي كبير، فأسعار الذهب غير مستقرة عالمياً وإنتاجه ليس بتلك الكميات المؤثرة كما أن إنتاجه يتم بطريقة عشوائية وبدائية، وفي نهاية الأمر لا تستطيع الدولة جمعه من المنقبين، وأضرب مثلاً بالدولتين الأعلى إنتاجاً للذهب في العالم وهما روسيا وجنوب إفريقيا والذهب لا يمثل مورداً أساسياً لهاتين الدولتين رغم أنهما يتحكمان في أسعاره عالمياً، ويمثل نسبة صغيرة في ميزانية كل منهما!!.

وقد كانت الفرصة سانحة في سنين الإنتاج البترولي للارتقاء بالزراعة والصناعة المعتمدة على المنتجات الزراعية، ورغم أن الدول المنتجة للبترول لا تزيد نسبة اعتمادها في ميزانياتها على البترول نسبة 25% من الميزانية ولكننا اعتمدنا كليًا في الميزانية على البترول وبنسبة فاقت التسعين في المائة!!.

ولا أدري كيف خطط اقتصاديو النظام الحاكم مستقبل بلادهم الاقتصادي على منتج غير متجدد ومعرض أسعاره للانخفاض والارتفاع حسب الطلب العالمي!!..

إن أكبر منتج للبترول والغاز تمثله اليوم روسيا وقد اهتمت روسيا بالصناعة والزراعة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وقد ارتفع إنتاج القمح إلى تسعين مليون طن بعد أن كان الاتحاد السوفيتي من أكبر المستوردين للقمح في العالم، واليوم روسيا وحدها تنتج ما يكفيها من القمح بل أصبحت من المصدرين للغذاء في العالم!!.

إن اقتصادنا لا يعتمد على الإنتاج إنما يعتمد على وصفة البنك الدولي الوحيدة والتي يتوهم اقتصاديو النظام أنها تشفي جميع الأمراض الاقتصادية وهي رفع الدعم وزيادة الضرائب، تزيد الضرائب في ذات الوقت الذي يقل فيه الإنتاج فمن أين يجد دافع الضرائب مصدر الدخل الذي يمكنه من دفع الضرائب، حيث لا مشاريع، وعطالة، وتدنٍ في الأخلاق وضعف في التناول السياسي الأمر الذي جعل من السلاح لغة التخاطب، وضعف الانتماء للوطن والذي أدى إلى المطالبة بتقرير المصير كما حدث لجنوب السودان، فما دام هناك عدم استقرار اقتصادي فإن الاستقرار السياسي سوف يتأثر وبذلك ينفطر عقد الأمن اجتماعياً كان أم قومياً!!.

الأمر يحتاج إلى إعادة نظر شاملة فمعالجة قضايا الاقتصاد بمعزل عن بقية القضايا السياسية والاجتماعية الأخرى إنما هو بمثابة الحرث في البحر، والمعالجة الشاملة هذه لا تتم بأيدي من تسببوا في الأزمات، إنما بمنهج جديد وبتفكير مغاير لذلك الذي ساد ربع قرن من الزمان!!..
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger