الرئيسية » » كبري القوات المسلحة.. قابلية الانهيار

كبري القوات المسلحة.. قابلية الانهيار

Written By sudaconTube on السبت، ديسمبر 01، 2012 | 3:18 م

تقرير: هبة عبد العظيم

قلل شهود عيان من التصدع الذي أصاب جسم كبري القوات المسلحة من تدمير عربات المدافع الخاصة بالجبهة الوطنية المعارضة في عهد الرئيس نميري ويؤكدون أن حركة المرور عقب عودة سيطرة الحكومة عادت لطبيعتها بالجسر ولم يغلق، ويتفق الخبراء الفنيون في وزارة التخطيط العمراني في رأيهم بأن الجسر لم يتأثر في تلك الفترة وأن ما أصابه حالياً حدث لجسور مشابهة في الصين وحدث كذلك لجسر شمبات الذي سبق إنشائه إنشاء جسر بري.

مخاوف وتأخير
يبدو أن تخوف التنفيذيين بولاية الخرطوم من العواقب المرورية لإغلاق جسر (بري) المعروف بجسر (القوات المسلحة) وجعلهم إنشاء جسور جديدة كأولوية ساهمت بشكل مباشر في تأخر صيانته مما جعله مهدداً بالانهيار، خيارات الفترة الزمنية لصيانته خضعت لدراسات هندسية وفنية كثيرة وضعت الخيارات أمام التنفيذيين للبت فيها.
اتجهت وزارة التخطيط العمراني إلى التعاقد مع شركة هيلونجيانق الصينية لتقوية الجسر وإجراء إصلاحات وصفتها بالمكلفة فنياً تشمل عمل فتحات كبيرة أعلى جسم الجسر عقب هبوط حدث فيه بنسبة 22سم وهو الشيء الذي جعلها تسارع بصيانته ويقول المهندسون بإدارة الصيانة والورش التابعة لوزارة التخطيط إن الهبوط ببعض المناطق بالجسور يحدث غالباً بنسبة (11سم) في أعلى جسم الجسر وهو ما يعرف هندسياً بالترخيم إلا أن مضاعفة النسبة زادت من مخاوفهم من حدوث كارثة يلعب فيها عامل الزمن دوراً رئيسياً.

خيارات هندسية
ويفضل المهندسون الرزح تحت ضغط تذمر المواطنين من الازدحام المروري الذي يصاحب عادة أعمال الصيانة بأي جسر على القلق من الخوف الناتج من أن ينهار الجسر مسبباً كارثة لا يتحمل أي شخص سياسي أو تنفيذي كان مسؤوليتها. لم تقف العيوب الهندسية عند حد الترخيم أو الهبوط بل امتدت لتظهر شروخاً في الدعامات التي تسند الجسر وتعرف بالكتوف ويتراوح عرض الشروخ بالدعامة ما بين (0,10-0.25) ملم، أثناء اختبار الحمولة الحالية للجسر والتي تصل إلى (71) ألف عربة يومياً تمر به مختلف الحمولات.. حبس الفنيون أنفاسهم خوفاً من أن تأتي نتيجة الاختبارات بعدم مرونة الدعامات الشيء الذي يترتب عليه التوصية بإغلاق الجسر نهائياً إلا أن نتيجة الاختبار لم تخذل المهندسيين وأتت تقول بأن الدعامات مرنة وقابلة للصيانة عندها تنفس المهندسون الصعداء. انضم لتلك الأسباب زحف الإسفلت بنسبة كبيرة على حواف الطريق بالإضافة إلى حدوث جرف للتربة المحيطة بالدعامات داخل النيل الأزرق.

اختبارات الصبر
بعد أن وضعت نتائج اختبارات الحمولة أمامهم أصبح على الفنيين والتنفيذيين اختبار صبرهم على موجه الانتقادات التي صوبت نحوهم عقب الإعلان عن إغلاق جزئي للجسر فمهدت ولاية الخرطوم ممثلة في وزارة التخطيط العمراني وإدارة المرور إلى الإعلان عن قفل كوبري بري (القوات المسلحة) لأغراض الصيانة ابتداءً من الإثنين الموافق 15 أكتوبر 2012، لمدة ثلاثين شهراً يومياً من الساعة الثامنة مساء وحتى السادسة صباحاً، فيما تحول المركبات العامة (المواصلات) في الزمن المحدد إلى جسر النيل الأزرق وجسر المنشية.وقدم مدير شرطة مرور الخرطوم اللواء شرطة د. الطيب عبد الجليل السابق اعتذاره لمستخدمي الجسر عن هذا الإجراء الذي اقتضته الضرورة، مؤكداً أن الجسر سيكون مفتوحاً أمام الحركة المعتادة في الفترة الصباحية.وناشد عبد الجليل شركاء الطريق آملاً في تعاونهم بالالتزام في استخدام المعابر والمسارات البديلة، وقال إن شرطة المرور ستعمل على توجيه أصحاب المركبات في موقع المسارات البديلة.

استطلاعات للرأي
عقب تصريح إدارة المرور سارع مركز كومون بإجراء استطلاعات عبر الهواتف المحمولة عن إغلاق كوبري القوات المسلحة للصيانة لمدة «30» شهراً وبلغت جملة المشاركين في الاستطلاع «22.812» مواطناً. وجاءت نتيجة الاستطلاع كالآتي: «38.5%» من المستطلعين يرون أنه يشكل عبئاً كبيراً على المواطن ويكشف عدم اهتمام متخذ القرار بعوامل اختصار الوقت وتوفير البدائل.بينما قال «33.7%»منهم إنه يعكس حرص الولاية على إجراء صيانة شاملة للجسور ومحاولة إعادة تنظيم حركة المرور وتفادي الازدحام مستقبلاً، فيما أكد «27.7%» من المستطلعين أن قرار إغلاق الكوبري مؤشر لغياب التخطيط الاستراتيجي للجسور والطرق، ويضغط على المسارات الأخرى ويسبب الاختناقات.

خيارات الصيانة
كان أمام التنفيذيين ثلاثة خيارات لصيانة الجسر أولها الإغلاق الكلي لفترة حددتها بـ(11) شهراً واعتبره مدير قسم صيانة الجسور ومدير مشروع تأهيل جسر بري المهندس صلاح الدين يوسف يوفر التكلفة التي ترتفع كلما قلت الفتره الزمنية لإغلاق الجسر، أما الخيار الثاني وهو الإغلاق الجزئي لفترة (16)شهراً وأيضاً لم ينل رضاء شركاء الطريق وتكلفة الصيانة فيه ترتفع عن الخيار الأول قليلاً .والخيار الثالث والذي تم اعتماده وهو الإغلاق الليلي وتستمر الصيانة فيه لفترة (30) شهراً وترتفع فيه التكلفة لدرجة جعلت القائمين على أمر المشروع يتكتمون عليها.

حقن الجسر
توصلت إدارة الصيانة عقب التشاور مع بيوت خبرة هندسية في مجال صيانة الجسور إلى أن معالجة الشروخ تتم بواسطة حقن مادة كيمائية عازلة ولاصقة تملئ الفراغات التي يصل طولها إلى (50) سم عقب توسيع بسيط للشرخ الذي يفصل بين جزأين خرسانيين ووصف مدير إدارة الطرق والجسور المهندس عبد الواحد عبد الله في حديثه لـ(السوداني) المادة اللاصقة بأنها أقوى من الخرسانة تحل مكان الفراغ الذي يوجد بأطراف الدعامات ويعمل على ضمها لبعض عقب حقنها في أنابيب رفيعة تضخ المادة من داخل الدعامات ويتم الاطمئنان على أنها امتلأت بظهورها خارج الدعامة .ولا يخفي عبد الله امتعاضهم من خيار الإغلاق الجزئي باعتباره يأخذ زمناً كثيراً في الصيانة ويكلف كثيراً إلا أنه يعود ويقول إنهم مضطرون للعمل به تفادياً لتذمر شركاء الطريق ويؤكد بأن إصابة الجسر في انقلاب المرتزقة لم يكن سبباً في العيوب الحالية موضحاً بأن جسور مشابهة في الصين ظهرت عليها ذات العيوب بعد فترة زمنية محددة.

شروخ وترميم
فيما اعتبر مدير قسم صيانة الجسور المهندس صلاح الدين يوسف الجسور منشآت تتعرض لمختلف الظروف والعوامل والاستخدام وتحتاج للصيانة الدورية والطارئة وأحياناً للإغلاق كما في كل دول العالم بما يسمى بـ(posting system ) ولم يفت عليه أن يذكر بأن هناك جسوراً قد انهارت تماماً في دول نامية بسبب الإهمال وعدم المتابعة الدورية ألحق خسائر كبيرة. ويقول صلاح إن نتائج الكشف الدوري أظهرت شروخاً وترخيماً في مرحلة مبكرة يمكن معالجتها وتقوية الجسر لضمان فترة استخدامية لاحقة أطول دون ازدياد التدهور الذي إذا أهمل يؤدي إلى انهيار الجسر تماماً.

ويقول وزير التخطيط العمراني الفريق مهندس الرشيد فقيري إن وزارته شرعت في إعادة تأهيل كبري القوات المسلحة عقب تحذير الفنيين من مخاطر تهدد بانهيار الكبري في حال عدم صيانته التي تستغرق حوالي (30) شهراً في حالة الإغلاق الليلي مشيراً إلى خيارين وضعا أمامه إما تأهيل الجسر أو إغلاقه تماماً مؤكداً عدم سماحهم كوزارة باستخدام مواد غير مطابقة للمواصفات عقب استلام إدارة مشروع تأهيل الكبري في نهاية أكتوبر الماضي رد الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس الخاص بعدم مطابقة الحديد المستورد للموصفات القياسية السودانية، تسلمت (السوداني ) نسخة من الخطاب بالنمرة (هـ س م م /ت 1 )بتاريخ (24/10/2012م) بالرقم (3420/2007) و(1577/2007) وقال مدير المشروع مهندس علي حسين إنه تمت كتابة تعهد بواسطة ممثل المقاول تعهد فيه لوحدة المتابعة بالمواصفات بعدم استخدام الحديد المذكور لأي غرض لحين الإفراج وفك الحظر عنه، ولفت حسين في تصريحات أمس إلى أنه سبق للإدارة العامة للصيانة التابعة لوزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم أن خاطبت هيئة المواصفات بغرض اختبار كمية الحديد المستوردة وكميتها (74) طناً بالقطر (20ملم و12ملم ) مؤكداً أنهم طالبوا هيئة المواصفات بمراجعة مواصفات الحديد المستورد وفقاً لجداول المواصفة القياسية الصينية .واجتهد مهندسو المشروع في تأكيد عدم استخدامهم للحديد المذكور بالموقع .وأكدت إدارة الطرق والجسور بالوزارة أنه في حال ثبوت عدم مطابقة الحديد للمواصفات فإن المقاول وهو شركة خيلونجيانغ الصينية ستتكفل بإعادته لبلد المنشأ على حسابها واستيراد حديد تسليح جديد مطابق للمواصفات تتحمل ولاية الخرطوم جزءاً من تكلفته. ويقول مدير المشروع أن مشروع إعادة تأهيل جسر بري(القوات المسلحة) هو ضمن العقد المحرر بتاريخ التاسع من أغسطس لسنة 2005م والخاص بإعادة تأهيل جسري بري وشمبات وفي هذا العقد على المقاول شركة خليونجيانغ إعداد الدراسات المواصفات والمخططات التصميمية ومن ثم التنفيذ كمقاول مؤهل لدى الوزارة ومتخصص في صيانة وتأهيل الجسور ووفقاً لذلك حاول مدير المشروع أن يقول إن جميع مراحل الدراسات والمواصفات تمت وفقاً للمواصفة القياسية الصينية.
شارك هذا المقال :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger