الرئيسية » , » الخرطوم..ســـــقــــوط فـــي امتحــان الخــريف

الخرطوم..ســـــقــــوط فـــي امتحــان الخــريف

Written By sudaconTube on الأربعاء، أغسطس 08، 2012 | 1:18 م

تحقيق: إنتصار السماني ــ راحيل إبراهيم

المطرتان اللتان أصابتا الخرطوم في الأسبوع المنصرم أصابتا المجال الهندسي في مقتل وكشفتا عن مدى الإهمال الذي تعاني منه «عاصمتنا الحضارية» ليس في أطرافها حيث اعتادت الحكومة التقصير ولكن في قلبها حيث الدلال والصرف بسخاء، بل فندت هاتان المطرتان كل دعاوى وزرارة البنى التحتية حول استعدادها لفصل الخريف حيث كان وزيرها الذي غادر مقعده منذ أيام قلائل ما فتئ يكرر استعداده للخريف امام مجلس تشريعى الولاية، ويقدم بيانات يؤكد فيها جاهزية وزارته واستعدادها التام لمواجهة فصل الخريف الحالى بعد تكوينها لغرفة طوارئ الخريف مبكرًا وفراغها من تطهير المصارف القديمة بالولاية، فضلاً عن انشاء مصارف جديدة، وردم جميع الطرق والشوارع الرئيسة والفرعية بالولاية وصيانة تناكر الشفط القديمة واستجلاب جديدة مع طلمبات.

تصريحات الوزير سبَّبت له احراجًا كبيرًا امام والي الخرطوم بعد ان كان يؤكد له استعداد وزارته الكامل لفصل الخريف.. الوزير لم يشكُ من اي نقص فى امكانات وموارد وزارته لمجابهة فصل الخريف وهو يؤكد للوالي استعداده للخريف على الرغم من فراغ خزينة الوزارة من الاموال باعتراف الوزير نفسه فى حديث للزميلة «الرأي العام» بوجود نقص كبير فى موارد الوزارة لقلة الجهات التى تتحصل منها على اموال لتسيير امور الوزارة الأمر الذي وضعه في موقف محرج أمام الوالي، وتدور احاديث عن نية الوالى اعادة النظر فى وزارة البنى التحتية عقب اخفاقها الكبير فى ملف الخريف.

تأثرت بعض أحياء الخرطوم بأول هطول للامطار بمنسوب لم يتعدّ عدة مليمترات حيث طفحت الشوارع وامتلأت بالمياه وسقطت بعض المنازل وهدد الآخر بالسقوط، ويبقى السؤال: لماذا يتكرر هذا المشهد كل عام رغم تكوين غرفة طوارئ متخصصة من أجل الخريف، هل عدم الرقابة المسؤولين للشركات المسؤولة عن الإعداد لمواجهة الخريف أم وتهاون من المسؤولين، جدير بالذكر ان والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر هدد بعض الشركات في العام الماضي باتخاذ إجراءات ضدها في حال عدم تنفيذها للعمل في الفترة المتفق عليها.

وخلال جولتنا في شوارع العاصمة بمحلياتها المختلفة علمنا أن عمليات نظافة المصارف بدأت بالفعل الا أنها محدودة في بعض المحليات، وأبدى المواطنون استياءهم من تكرار سيناريوهات الامطار في كل عام دون أن يكون هنالك حل جذري الا أن بعض سكان ام درمان بالمناطق المتاخمة للنيل وابو سعد أبدوا بعض الارتياح من الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية في نظافة المصارف الرئيسة والفرعية، إضافة الى الردميات التي حدت من كثافة تراكم المياه بالشوارع والتي كانت تجعل منهم صيدًا ثمنيًا للخريف الا اننا لاحظنا أن الأوساخ ما زالت تملأ جوف المجاري.

وناشد مواطنون بمحلية جبل اولياء المعتمد الاهتمام خاصة في سوق جبل اولياء والكلاكلة حيث تتراكم الأمطار مع الأوساخ تبحث عن منفذ.

بعد خراب سوبا
بمحلية الخرطوم بالسجانة والديوم اشتكي المواطنون من أن الخريف دائمًا ما يأتيهم دون أن تقوم الجهات المسؤولة بالتحضيرات اللازمة لاستقباله وقد أبدى بعضهم خوفهم من سقوط منازلهم جراء المياه التي تملأ الشوارع اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم اكد فى حديثه للصحفين ان محليته شرعت فى تنفيذ خطة إستراتيجية لمعالجة غرق الخرطوم فى مياه الخريف على المدى البعيد والعمل على فتح المنهولات والصرف الصحى وان غرفة العمليات ستعمل على مدار الـ«24» ساعة.

خراب العامرية 
منطقة العامرية غرب الحارات بمحلية أم بدة من أكثر الأحياء التي تعاني في موسم الخريف.. سنوات عديدة والمنطقة تتساقط مبانيها في موسم الامطار والسبب الرئيس عدم وجود مصارف ثم الخطأ الذي ارتكب أثناء تشييد الطريق بين العامرية وغرب الحارات الامر الذي أدى الى احتباس مياه السيول فتسببت في انهيار عشرات المنازل وفقد بعض الارواح بالرغم من أن هذا الحادث كان قبل ثلاثة اعوام الا أن آثاره لا تزال موجودة، فمحمد آدم اخبرنا ان هنالك مجموعة من المواطنين هجروا الحي ولم يعودو اليه ابداً بعد الحادث وتحسر على ان السلطات المختصة لم تولِ المنطقة اي اهتمام وإنهم بجهد ذاتي قاموا بردم الشوارع وفتح المصارف ومازالوا ينتظرون ما تقوم به المحلية الا أنه وفي هذا العام انهارت مباني العامرية برمتها بعد أن اجتاحها السيل القادم من دار السلام اهالي دارالسلام اخبرونا ان هذه السيول التي قد سبقت هطول الامطار وانها قادمة من خارج ولاية الخرطوم وانهم قد ابلغوا السلطات المختصة الا انه لا حياة لمن تنادي، اما الحارات «14» والـ«17»، ام بدة، اضافة لبدر الكبرى، فما زال ركام المنازل حبيسًا للمياه الراكدة حيث لا توجد قنوات او مجارٍ لتصريف المياه ولم تقم السلطات بشفطها الامر الذي جعل بعضهم ينام مشاركاً البعوض في الماء الراكد والبعض الآخر ذهب ليقيم مع اهله، في العام السابق تحدث المدير التنفيذي لمحلية أم بدة إبراهيم النجيب ان خطته للخريف هي الاهتمام بنظافة القنوات وتطهيرها واقامة الحفريات الجديدة وتأهيل الردميات والاسواق وشوارع المواصلات إضافة لمتابعة شبكات مياه الشرب حتى لا تختلط مع مياه المصارف اما في منحى تشييد الكباري فالخطة تشمل «20 كبري» على حد قوله، وأهمها الكباري جنوب وشرق سوق ليبيا، وتشييد الخور بقربه وأقر بالمشكلات التي اكتنفت خطة العام الماضي «2010» كانت في مصارف الواجهة ومنطقة العامرية غرب الحارات ومنطقة دار السلام مربع «3» وبين أن دراسة كاملة قد أُجريت ميدانياً وان المعالجة قد بدأت فعلياً الا انه لا شيء مما ذكره قد حدث فقد غرقت دار السلام والعامرية وتحتاج لمهندسي مساحة من اجل تخطيطها من جديد اما مناطق المنصورة والنخيل والبستان كان يجب ان تذهب مياهها الى النيل عبر قنوات التصريف الا ان المياه ما زالت راكدة وقد اشتكى سكان المنطقة من تجاهل السلطات فرغمًا عن ان معظم المباني مسلحة الا انها انهارت بسبب التصريف.

الواقع أصدق
وفي الريف االشمالى بمحلية كررى جأر المواطنون بالشكوى بسبب السيول الجارفة التى اجتاحت عددًا من المناطق بالعاصمة ادت الى انهيار كامل وجزئي بمنطقة النوفلاب «البادوبة» نتيجة السيول التى جاءت من غرب الكلية الحربية شمال ام درمان وتسببت فى تدمير «27» منزلاً تدميرًا كليًا و«15» منزلاً جزئيًا ورصدت كاميرا «الانتباهة» مبانى سلاح المظلات والمستشفى العسكرى بكررى تسبح وسط بركة من المياه، اما منطقة الجرافة فلم تكن اكثر حظًا من سابقتها فشهدت هى الاخرى انهيار «26» منزلاً انهيارًا كليًا و«17» منزلاً جزئيًا.

فى الوقت الذى نفى فيه المجلس الاعلى للدفاع المدنى وجود اصابات او خسائر فى الارواح علمت «الانتباهة» بوفاة طفل بمدينة الفتح بكررى جراء السيول كما شهدت الاسواق بالعاصمة ترديًا بيئيًا كبير ًابعد تواصل هطول الامطار قرابة الـ «8» ساعات بالعاصمة فاختلطت مياه الامطار بنفايات الاسواق المتراكمة اما م المحلات التجارية مخلفة بركًا من المياه الملوثة والنتنة والمحليات غارقة فى سبات عميق لا تحرك ساكنًا رغم حديثهم المكرور عن رصد ميزانية للخريف والاستعداد المبكر الذى فضحته اول مطرة.

مين الفاشل؟
الأمطار التي شهدتها الولاية كشفت عن حقائق لا تقبل الجدل حيث لا وجود لأية استعداد لهذا الفصل فالمصارف القديمة لم ترمم فعجزت عن تصريف المياه، أما الجديدة ففشلت هي الأخرى فى التصريف بسبب اخطاء هندسية في التصميم، وقد اثبتت تناكر الشفط انها وسيلة غير فعالة فى شفط المياه.

الواقع الماسأوى الذى خلفته امطار تينك المطرتين دفع مجلس تشريعى ولاية الخرطوم قبل اربعة أيام لعقد جلسة طارئة لمناقشة آثار السيول والفيضانات بالولاية بحضور الوزراء والمعتمدين ولكن الجميع فشل فى الخروج بحلول جذرية لمعالجة آثار السيول والفيضانات، وعوضًا من ذلك ترك المجلس قاعته كمنبر لوزارة البنى التحتية تبرر فيه اخفاقاتها فى مواجهة الخريف وتحميل المسؤولية للآخرين.

الله يطمنكم!
ليس وزير البنى التحتية وحده من أدلى بالتصريحات المطمئنة فالمحليات ايضًا تفعل، ففي محلية أم درمان التقينا مدير المصارف المهندس عبد الرحمن أحمد الذي قال إن المشكلات التي كانت تهدد المحلية في فصل الخريف تتمثل في ترس النيل بمنطقة القيعة بالريف الجنوبي، ومنطقة القماير بشارع النيل الجديد، إضافة للمياه التي تأتي منحدرة من أمبدة وتؤثر على مناطق الدوحة والمهندسين والمنطقة المواجهة لحمد النيل، وتمت معالجتها إضافة لترقيع الترس بطول 16 كيلو متراً وتقوية المناطق الضعيفة بعدد 10 آلاف متر مكعب ردميات.

و إن الخيران الطبيعية بالمحلية تم ترفيعها وترشيد مسارها بواسطة اللودر بطول «8» كيلو مترات في كل من خور أبوعنجة وخور القيعة، أما بخصوص المياه المنحدرة من أمبدة، فقد اكتمل تشييد مصرف أمبدة المواجه حتى خور أبو عنجة من الناحية الشمالية، كما شيِّد مصرف الشهيدة سلمى بأمبدة، بجانب مصرفين إضافيين شمال مقابر حمد النيل وشمال المهندسين مربع 30، مؤكداً أن نسبة التنفيذ 95%، مشيراً إلى أن نسبة الـ5% المتبقية نتيجة لخطوط المياه الرئيسية التي أحدثت الكسور في الماضي في بعض المواقع وتم تجهيز 91 كيلو متراً من المصارف الرئيسية بالمحلية، بجانب 314 كيلو متراً من المصارف الوسيطة والفرعية، وبين أن ميزانية تأهيل وتجهيز المصارف الرئيسية من وزارة البنى التحتية، أما الوسيطة والفرعية فميزانيتها من المحلية، وقال إن المحلية تمتلك مصبات على النيل لحجز المياه، ولديها «5» طلمبات على النيل لترفيع وإعادة المياه للنيل مرة أخرى في حالة الفيضان، وبلغت نسبة تنفيذ العمل لتلك المواقع «90%» والنسبة المتبقية تتمثل في الأعمال التي تنجم نتيجة لمخالفات المواطنين، ومازال مدير المصارف يتحدث عن استعداد المحلية للخريف مبينًا أن بها غرفة طوارئ بالتنسيق مع غرفة الولاية، إضافة لغرف على مستوى الوحدات الإدارية ومعدات الغرفة تتكون من 2 قريدر بحالة جيدة،5 باكو لودر، 1 لودر كبير، 9 قلاب مقاس 16 متراً مكعباً للردميات، إضافة لقلابات جاكان سعة 4 متر مكعب لنقل الأنقاض «مخلفات المصانع» وعددها 9،4 طلمبات كبيرة مقاس 4 بوصة، علاوة على 8 طلمبات بمقاس 3 بوصة، إضافة لقاطع أسفلت لعمل عبارات و«جاك همر» لكسر الخرصانات، وأكد في ختام حديثه أن أمطار العام الماضي لم تحدث أضراراً لقلتها وللاستعدادات الجيدة للخريف. 
 
أما مدير مصارف الأمطار بمحلية كرري المهندس ابراهيم أحمد أبكر فلم يذهب بعيدًا عما ذهب إليه سابقه فقال إن المحلية قامت بتطهير المصارف الرئيسية حتى الآن بنسبة 60% والمصارف الوسيطة والفرعية تم تنفيذها بنسبة 30%بجانب تطهير مصبات المياه بنسبة تنفيذ 100% وتهذيب الخيران الطبيعية بنسبة 95%، إضافة لتعلية الجسر الواقي الذي يحمي الحارات من المياه القادمة من الجبال وغرب الولاية وتوجيهها لخور شمبات بنسبة 100%، مشيراً إلى أن طول الجسر 8 كيلومترات والمصارف الرئيسية بطول 151 كيلو متراً والوسيطة بطول 88 كيلومتراً ومصارف مدينة الفتح بطول 57 كيلومترًا وقال إن أكبر مشكلة تواجه المحلية هي تعدي المواطنين على المصارف اذا يتم دفنها بالأوساخ وأنقاض المباني بجانب توصيل مياه الصرف الصحي داخل المصارف مما يتسبب في وجود بيئة ملائمة لتوالد الذباب وأردف: «فى خريف العام الماضي رغم الاستعدادات الا ان خللاً كبيرًا حدث وأغلقت بعض المسارات الطبيعية في «الحتانة» مما سبب بعض الاختناقات وقمنا بمعالجتها، وهناك مناطق حدثت بها اختناقات في التطهير في خريف العام الماضي كالحارة 65 وتمت مراجعتها وفتح مصرف فيها، ومنطقة الحارة 21 التي تعدوا عليها بإغلاق المصرف رغم فتح مصارفها». 

وفي محلية بحري تحدث لنا مدير مصارفها سيد أحمد عن استعداد المحلية لمواجهة فصل الخريف بإعداد خطط لدرء آثار السيول والفيضانات للقرى المتاخمة لشرق النيل بريفي بحري، وقال إنه حالياً يتم تنفيذ الخطط بمراحل مختلفة: المرحلة الأولى تجهيز المعدات كمعدات الشفط «طلمبات» والآليات والحفارات والقلابات، والمرحلة الثانية تتم فيها عملية الحفر والتطهير للمصارف الفرعية والوسيطة، أما في المرحلة الثالثة فتفتح فيها الكباري والعبارات لتسهيل انسياب مياه الأمطار، وزاد: «هناك فرق طوارئ لتفقد قطاعات المحلية الثلاثة بحري وبحري شمال وريفي بحري لمراقبة كل المناطق التي بها اختناقات والتي تغلق بفعل فاعل بعد توقف المطر مباشرة، صيانة الشوارع تمت حالياً في شارع السيد علي الميرغني لمصارف المياه، وأكثر المناطق التي تتضرر في الخريف هي المناطق الطرفية وحالياً تتم المعالجة لها.

المجلس التشريعي ينتقد
عضو المجلس حمد النيل على انتقد وزارة البنى التحتية لإنشائها مصارف وطرقًا رديئة لا تصلح لتصريف مياه الأمطار. وقال ان الوزارة صرفت اموالاً باهظة على انشائها، وباعت لها العديد اراضي سكنية بأسعار باهظة ولكنها لم تشيد بالصورة والمواصفات المطلوبة، وبدلاً من مساهمتها فى تصريف المياه ساعدت على حجزها.

هناك قصور
إذن ما هي مواصفات الطرق العالمية؟ السؤال طرحناه على خبير الطرق والجسور المهندس عثمان حيدر فأجاب: «تقوم مواصفات الطرق عالمياً على عدة دراسات.

أولا: دراسات التخطيط الحضري للطرق داخل التجمعات العمرانية والمعروف بتقسيم الطرق الى هرم رباعي المستويات حيث تبدأ قاعدته بالطرق المحلية الداخلية بين المربعات العمرانية ثم الطرق الثانوية وهي المجمعة للطرق المحلية ونقلها الى الطرق الرئيسة والتي تضم أكثر من مسارين مروريين لكل اتجاه ومعزولين بجزيرة وسطية أو الطرق ذات الاتجاه الواحد ثم الطرق الحرة السريعة والتي تكون تقاطعاتها معالجة بواسطة الكباري أو الأنفاق وتمثل قمة الهرم.

ثانيًا: دراسات المرور للطرق القائمة وتشمل أنواع المركبات المستخدمة للطريق من حيث الأبعاد والأحمال والسرعات التصميمية وأحجام المرور الحالية والمستقبلية ومستويات الخدمة المرورية والتقاطعات والانتظار والحوادث.

ثالثاً: دراسات التربة وتعنى بتصميم طبقات الرصف المختلفة وجودة المواد المستخدمة.

رابعاً: دراسات الهيدرولوجيا والتعرف على أحجام الأمطار خلال السنوات المختلفة وتعنى بتصميم شبكات المصارف وما إذا كانت سطحية أو عميقة.
ويعتبر ما سبق المعلومات الأساسية التي ينبني عليها تصميم الطريق» 

إذن هل الطرق الحالية مطابقة للمواصفات؟
يجيب حيدر: مما سبق يتضح جليّاً أن المواصفات التصميمية متباينة حسب الزمان والمكان الذي يقع به الطريق، وأن التغييرات في استخدامات الأراضي يترتب عليها زيادة استخدام الطريق نتيجة زيادة أحجام المرور المارة به، لذلك كانت الحاجة لإخراج خريطة هيكلية متكاملة تعنى بتحديد احتياجات الولاية ومواطنيها من خلال خطة ربع قرنية وتعدّ هذه الخريطة الهيكلية قاعدة المعلومات التي ينبني عليها تصميم الطرق.

ولكن على من تقع مسئولية صناعة الطرق؟ الوزارة أم الاستشاري أم المقاول؟
يقول حيدر إن المسؤولية فنية وتقع على عاتق الجميع بدءاً من الوزارة التي لابد أن تختار الاستشاري المتخصص في المجال وتزويده بكل المعلومات التصميمية الأساسية، ثم الاستشاري الذي لا بد أن يوظف كل المعلومات لإخراج أكفأ تصميم فنياً واقتصادياً، ثم تصادق التصميمات من قبل الوزارة بعد مراجعتها ومطابقتها للمواصفات العالمية، ثم تنتقل المسؤولية على المقاول لتنفيذ الطريق حسب الخرط المصادقة وذلك تحت إشراف الاستشاري أو الوزارة مباشرة.

يعني ذلك أن الطرق القائمة في مدينة الخرطوم لم تخطط بشكل صحيح؟
يجيب محدثي: المواصفات التخطيطية متباينة حسب الزمان والمكان الذي يقع به الطريق وحسب استخدامات الأراضي المطلة عليه، والطرق التي تعاني من الازدحام المروري كانت مخططة على استخدامات أراضٍ سكنية وأن التغيير الى الاستخدام التجاري والتوسع العمراني الرأسي أدى الى زيادة الكثافات المرورية نتيجة الزيادة السكانية، وأن الحلول الفنية متاحة من خلال عمل دراسات مرورية تفصيلية لنطاق التغير في استخدام الأراضي، ومن ثم اختيار البدائل من خلال تخصيص الطرق بنظام الاتجاه الواحد أو توفير مساحات انتظار خارج حيز الطريق لزيادة سعته أو دراسة تغيير وسائط النقل من خلال تشجيع النقل العام والجماعي داخل مركز المدينة بالباصات أو الترام أو المترو خصماً على المركبات الخاصة.

هذا من حيث التخطيط أما من حيث التصميم فهناك قصور في الدراسات الهيدرولوجية لتحديد كميات الأمطار المتساقطة لتحديد أبعاد المصارف سواء سطحية أو عميقة، والجدير بالذكر عدم تصميم الميول الرأسية لسطح الطريق بشكل يتلائم مع اقتصادية إقامة شبكات مصارف الأمطار، علماً بأن أعمال المصارف قد تصل إلى «50%» أحياناً من تكلفة إنشاء الطريق، ولكن عدم إنشائها يترتب عليه زيادة تكاليف صيانة الطريق دورياً، لذلك لا بد من أخذ تكاليف صيانة الطرق الدورية في الاعتبار عند اتخاذ القرار بتنفيذ المصارف مع أعمال إنشاء الطريق أو تأجيله لاحقاً وهو ما يترجم الى جدوى اقتصادية من خلال اعتبار نسبة الفائدة السنوية للمبالغ المنفقة.

ولكن لماذا تتدهور الطرق بالسودان سريعاً؟ وهل السبب الوزارة أم الشركة؟
حسب حيدر نتيجة سوء التصميم والذي يعبر عن نقص في المعلومات التصميمية الأساسية على سبيل المثال لا الحصر دراسات التربة غير دقيقة مما يعني عدم تحمّل طبقات الرصف للأحمال المرورية المارة عليه مما يؤدي الى انهيار سطح الطريق، أو نتيجة سوء التنفيذ مثل عدم توفر الميول الرأسية الكافية لتصريف الأمطار الى المصارف الجانبية يعني تجمع للمياه في بعض أجزاء الطريق مما يعمل على فصل الروابط بين مادة البيتومين والركام المكون لسطح الطريق وانهيار وتشقق طبقات الأسفلت. والمسؤولية الفنية قانوناً تقع على الجميع الاستشاري والمقاول.

لماذا تتم صيانة الطرق في فترات متقاربة من حيث المدة الزمنية؟ وهل يعزى ذلك الى سوء التصميم أم سوء التصنيع؟
مكونات الطريق متعددة وتشمل مسارات الحركة وحارات الانتظار وكلاهما يرصفان بالطبقة الأسفلتية مع مراعاة أن تكون الميول الرأسية في اتجاه واحد أو في الاتجاهين وكذلك أرصفة المشاة وترصف وترتفع عن طبقة الرصف بمنسوب لا يقل عن 20سم وتقام أسفلها شبكات البنيات التحتية من صرف صحي ومياه واتصالات وكهرباء وغاز ومصارف أمطار، وأخيراً المباني المطلة على الطريق وعلاقتها بالطريق من حيث المنسوب وغرض استخدامها.

وقبل التحدث عن صيانة الطرق بشكل دوري متقارب أو متباعد لا بد أن نحدد مسؤولية الحفاظ على الطريق والتي تقع على مستخدميه في الدرجة الأولى بعدم إلقاء المخلفات وأنقاض المباني وإقامة أرصفة المشاة بشكل عشوائي حسب رغبات أصحاب المحال التجارية والمباني المطلة عليه والانتظار الخاطئ للمركبات وعدم توفر مساحات انتظار للمركبات خارج حيز الطريق كل ذلك وغيره يؤدي الى إهدار جزء من سعة الطريق، ثم المسؤولية الأخرى تقع على عاتق االمحليات بالحفاظ على نظافة الطريق من الأتربة لضمان عدم انسداد المصارف السطحية ووضع الضوابط الصارمة للمخالفين السابق ذكرهم، أما مسؤولية الاستشاري والمقاول فتمتد بمدة زمنية لا تقل عن عشر سنوات أو العمر الافتراضي للطريق، وهناك القوانين والتشريعات الهندسية التي تحدد المسؤوليات لكل جهة على حدة.

الإنتباهة
شارك هذا المقال :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger