الرئيسية » » المباني الخضراء - د. م. م. مالك دنقلا

المباني الخضراء - د. م. م. مالك دنقلا

Written By Amged Osman on الثلاثاء، أكتوبر 12، 2021 | 9:16 ص

 المباني الخضراء

د. مهندس مستشار/ مالك علي محمد دنقلا

«المبنى الأخضر هو ذلك المبنى الذي إذا دخلته تشعر بالراحة، وإذا أقمت فيه تشعر بالسعادة، وإذا غادرته يصيبك الحزن فتسارع بالعودة إليه». 



لم يعد قطاع البناء والتشييد في عصرنا الحالي بمعزل عن القضايا البيئية الملحة التي تهدد العالم، وعن الأصوات التي تنادي بضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وتقليل الآثار البيئية الناجمة عن الأنشطة البشرية المختلفة، والتي تم التنبه إليها في السنوات القلائل الأخيرة، خاصة وأن قطاع البناء يعد أحد المستهلكين الرئيسيين للموارد الطبيعية كالأرض والمواد والمياه والطاقة، كما إن عمليات صناعة البناء والتشييد الكثيرة والمعقدة ينتج عنها كميات كبيرة من الضجيج والتلوث والمخلفات الصلبة، لذا نشأت فكرة المباني الخضراء كأحد الاتجاهات الحديثة في الفكر الإنشائي التي تهتم بالعلاقة بين المباني والبيئة، وتحقق احتياجات الحاضر دون إغفال حق الأجيال القادمة.

وأصبح التوسع في إنشاء المباني الخضراء أو تطبيق معاييرها مطلباً أساسياً في العالم كله بهدف الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة الطبيعية من شمس ورياح، وخفض استهلاك الطاقة والمواد والموارد وترشيد استهلاك المياه، بالإضافة إلى تقليل تأثيرات الإنشاء مما يقلل من الأثر البيئي الضار، ويخلق بيئة مريحة، ويرفع قيمة ملكية المباني، ويحسن من جودة الحياة والهواء داخل المباني بشكل خاص، ويحسن صحة الفرد والمجتمع بشكل عام.

استهلاكات قطاع الإنشاءات في العالم:

تستهلك صناعة الإنشاءات على مستوى العالم (42%) من طاقة الكهرباء، و(65%) من إجمالي الاستهلاك الكلي للطاقة بجميع أنواعها، و(25%) من إنتاج الخشب، وسدس إمدادات الماء العذب في العالم، و(20%) من الوقود والمواد المصنعة، و(40%) من إجمالي المواد الأولية، ويقدر هذا الاستهلاك بحوالي 3 مليارات من الأطنان سنوياً، وبالتالي فإن هذه الحقائق تجعل من عمليات إنشاء وتشغيل المباني العمرانية واحدة من أكثر الصناعات استهلاكاً للطاقة والموارد في العالم.

في المقابل فإن قطاع التشييد ينتج حوالي (30%) من الملوثات والنفايات الصلبة والانبعاثات الضارة، والتي تنتج من عدم كفاءة المباني ومن التصميم السيئ، عندما تكون طريقة تصميم المباني وتشغيلها خاطئة وغير صحيحة، لذا كان من الضروري التفكير في اتباع طرق وأساليب جديدة في التصميم والتشييد، أطلق عليها طرق وأساليب (البناء الأخضر).

مفهوم المباني الخضراء:

المباني الخضراء ليست بناء مطلياً بلون أخضر، أو مباني تكثر حولها المزروعات والأشجار الخضراء، ولكنها مفهوم جديد يطلق على الأبنية التي توفر كل الظروف والامكانات لحماية البيئة وتدعيمها أثناء العيش فيها، حيث حدد العلماء المبنى الأخضر بأنه المبنى الذي يراعي فيه الاعتبارات البيئية في مراحل البناء، والتصميم، والتنفيذ، والتشغيل والصيانة مع تعظيم الانسجام مع الطبيعة، وجودة الحياة الداخلية للمبنى.

وفي وجهة نظر أخرى؛ فإن العمارة الخضراء هي منظومة عالية الكفاءة تتوافق مع محيطها الحيوي بأقل أضرار جانبية، أو أنها دعوة إلى التعامل مع البيئة بشكل أفضل يتكامل مع محدداتها، أو هي مبانٍ تستفيد من ظواهر المحيط البيئي ومصادره لتحقيق التوازن من حيث إتمام تصميم وتنفيذ المبنى ضمن المناخ المحلي الذي يقام فيه، واستغلال الطاقة الشمسية والاعتماد على التهوية الطبيعية والإنارة الطبيعية في تخفيف استهلاك الطاقة وتقليل التلوث البيئي الناتج عنها. 

وعلى ذلك يمكن تعريف العمارة الخضراء من مجمل الآراء السابقة بأنها عملية تصميم وتنفيذ المباني بأسلوب يحترم البيئة مع الأخذ في الاعتبار تقليل استهلاك الطاقة والموارد، مع تعظيم الانسجام مع الطبيعة، وتقليل تأثيرات عملية الإنشاء.

فلسفة المباني الخضراء:

تتركز فلسفة المباني الخضراء في أن يكون المبنى هو أحد أسباب الشحن المعنوي للإنسان، ووسيلة لدفعه للعمل بجدية وحيوية متواصلة، وأن يكون أحد الوسائل الصحية والأمنية والإمتاعية والجمالية للمقيمين بداخله، أي أن المبنى الأخضر هو ذلك المبنى الذي إذا دخلته تشعر بالراحة، وإذا أقمت فيه تشعر بالسعادة، وإذا غادرته يصيبك الحزن فتسارع بالعودة إليه.

وتهدف فلسفة المباني الخضراء إلى حماية التوازن البيئي الموجود، وأخذ التدابير اللازمة للتقليل إلى أقصى حد من التأثيرات السلبية على البيئة في عملية البناء، وتوفير الموارد الطبيعية من طاقة ومياه ومواد إنشائية، وفي الوقت نفسه الاهتمام بتوفير كافة الشروط الصحية والأمنية لاستمرار الحياة بكفاءة، مما يجعل هذه المباني مكانا أفضل للعمل أو المعيشة.

الفرق بين المباني الخضراء والمباني التقليدية:

إن الفرق الرئيسي بين المباني الخضراء والمباني التقليدية هو مفهوم التكامل مع البيئة وتوفير الطاقة المستخدمة، ففي المباني الخضراء، يقوم فريق متعدد التخصصات في البناء بالعمل معاً منذ مرحلة ما قبل التصميم إلي مرحلة ما بعد السكن لتحسين خواص الاستدامة البيئية للمبنى، وتحسين الأداء، والتوفير مستقبلاً في تكاليف السكني، حيث يكون استهلاك الموارد خاصة الطاقة والمياه في هذه المباني أقل بكثير من مثيلاتها من المباني التقليدية، لذا فإن المباني الخضراء تشير إلى ممارسات إنشاء هياكل واستخدام عمليات ذات كفاءة بيئية عالية في استخدام الموارد طيلة دورة حياة البناء، بدءاً من تحديد الموقع والتصميم والتشغيل والترميم وحتي الصيانة، وتتكامل هذه الممارسات مع المرافق العامة، وعوامل الاقتصادية في الاستثمار، وقوة التحمل أو الديمومة في عمر المبنى، وأخيراً الراحة في الاستخدام.

وعادة تكون تكلفة المباني الخضراء في مرحلة الإنشاء مرتفعة مقارنة مع المباني التقليدية، ولكنها اقتصادية في مرحلة التشغيل، ولا تكون أكثر تعقيداً من المباني التقليدية، التي تستهلك موارد وطاقة أكبر، وبالتالي فواتير طاقة أعلى، علاوة على التكاليف الصحية الناجمة عن المباني التقليدية، وتكاليف الصيانة المستمرة لها، وعدم ديمومة المباني التقليدية، أما بالنسبة للمباني الخضراء فيتم استرداد الزيادة في تكلفة الإنشاء من خلال استثمار المبنى لسنوات طويلة، ومن خلال استهلاك فواتير طاقة أقل كثيراً، بل معدومة أحياناً، لذا فإن أي تكاليف إنشائية إضافية في مرحلتي التصميم والبناء يمكن استعادتها بسرعة. 

العناصر الأساسية في تصميم وتنفيذ المباني الخضراء:

يتم تصميم وتنفيذ المباني الخضراء بأسلوب يراعي توفير الضوء الطبيعي للمبنى، وتقليل الاحتياج للطاقة اللازمة لتكييف المباني، وكذلك تقليل استهلاك الوقود اللازم لعملية التدفئة شتاءً، ويكون ذلك من خلال:

أولاً: دراسة المكان: الاهتمام بأبعاد المكان المختلفة، وعمل التصميم المناسب للاستفادة من الضوء الطبيعي، وفرص التدفئة شتاء، والتبريد صيفاً؛ لتقليل استخدام الطاقة، ويتم ذلك من خلال التوجيه الصحيح للمبنى للاستفادة من الإضاءة الطبيعية القادمة من الشمس، حيث إن التصميم الجيد يجب أن يشمل مثلاً توزيع النوافذ واختيار أماكنها لغرض الحصول على أكبر كمية من الضوء، والحفاظ على جودة الهواء داخل المبنى من خلال توجيه الفتحات إلى اتجاه الرياح السائدة لكل منطقة، وأخيراً الوصول إلى التكامل بين المبنى والخدمات المتاحة في المكان.

ثانياً: دراسة التأثير البيئي: ويشمل: الطاقة، والمواد، وفعالية أساليب البناء، ومعرفة الجوانب السلبية ومحاولة تخفيفها عن طريق استخدام مواد مستدامة ومعدات ومكملات قليلة السمية، والاهتمام بكفاءة الجدران لمنع انتقال الضوضاء؛ فكلما كانت أكثر سمكاً تكن أفضل في منع انتقال الضوضاء.

ثالثاً: دراسة الطبيعة البشرية: دراسة طبيعة المستخدمين للمبنى، وإدراك متطلبات السكان والمجتمع، والخلفية الثقافية والعادات والتقاليد حيث تتطلب دمج القيم الجمالية والبيئية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية لتلبية توقعات المستخدمين. 

محددات البناء الأخضر:

وضعت الحكومات والمنظمات العالمية عدة محددات يتم من خلالها تصنيف الأبنية الخضراء:

(1) التصميم المعماري الأمثل: فعند وضع مخطط للبناء لا بد من الأخذ بعين الاعتبار حاجات البناء من التهوية والتسخين والتبريد، عن طريق اختيار التوجيه المناسب له بناء على المكان، وتوقعات التطورات التكنولوجية في المستقبل.

(2) مواد البناء الصديقة للبيئة: الاختيار الدقيق للمواد، حيث يتم اختيار مواد الإنشاء من مواد محلية، وذلك للاستغناء عن الطاقة المستهلكة أثناء عمليات الشحن من الخارج، كما يراعى اختيار أقل المواد ضرراً بالبيئة على طول مراحل إنتاجها، وكذلك أسهل المواد في إعادة التدوير، على ألا تكون من المواد عالية الاستهلاك للطاقة سواء في مرحلة التصنيع أو التركيب أو حتى الصيانة، وألا تساهم في زيادة التلوث الداخلي بالمبنى.

نظم تقييم المباني الخضراء:

هناك عدة نظم حديثة لتقييم المنشآت ودرجة اقترابها من مبدأ العمارة الخضراء حيث نجد في اليابان معيار (CASPY)، وفي بريطانيا معيار (BREEAM)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية معيار رئاسة الطاقة والتصميم البيئي (LEED) وهي اختصار لـ (Leadership in Envrionmental Design)، وهذا المعيار تم تطويره بواسطة المجلس الأمريكي للبناء الأخضر (USGBC) حيث يتم منح شهادة (LEED) للمشاريع المتميزة في تطبيقات العمارة الخضراء.

وتهدف معايير (LEED) إلى إنتاج بيئة مشيدة أكثر خضرة، ومبانٍ ذات أداء اقتصادي أفضل، حيث يتم تزويد المعماريين والمهندسين والمقاولين والمستثمرين بها، وتتكون من قائمة بسيطة من المعايير المستخدمة في الحكم على مدى التزام المبنى بالضوابط الخضراء، ووفقاً لهذه المعايير يتم منح نقاط للمبنى في جوانب مختلفة؛ فكفاءة استهلاك الطاقة في المبنى تمنح في حدود (17) نقطة، وكفاءة استخدام المياه تمنح في حدود (5) نقاط، في حين تصل نقاط جودة وسلامة البيئة الداخلية في المبنى إلى حدود (15) نقطة، أما النقاط الإضافية فيمكن اكتسابها عند إضافة مزايا محددة للمبنى مثل مولدات الطاقة المتجددة، أو أنظمة مراقبة غاز ثاني أكسيد الكربون، وبعد تقدير النقاط لكل جانب من قبل اللجنة المعينة يتم حساب مجموع النقاط الذي يعكس تقدير (LEED) وتصنيفها للمبنى.

فالمبنى الذي يحقق مجموع نقاط يبلغ (39) نقطة يحصل على تصنيف ذهبي، وهذا التصنيف يعني أن المبنى يخفض التأثيرات على البيئة بنسبة (50%) على الأقل مقارنة بمبنى تقليدي له، أما المبنى الذي يحقق مجموع نقاط يبلغ (52) فيحوز على تصنيف بلاتيني، وهذا التصنيف يعني أن المبنى يحقق خفض في التأثيرات البيئية بنسبة (70%) على الأقل مقارنة بمبنى تقليدي مماثل.

ومن أفضل أمثلة المباني الخضراء مركز بوليت Bullitt Center في مدينة (سياتل)، والذي افتتح رسمياً في يوم الأرض (22 أبريل) عام 2013م، وقد صمم ليكون أكثر مبنى تجاري أخضر في العالم. وهذا المبنى -المكون من 6 طوابق- شيد لعمر افتراضي 250 عاماً. في عام 2016م أنتج المبنى طاقة بنسبة (30%) أكثر مما يستهلك، لما يتميز به من نظام إنتاج طاقة كهربية بالألواح الشمسية، ومن انخفاض في استخدام الطاقة. أما المياه المستخدمة في المبنى فتنتج عن نظام فيه لإعادة تدوير مياه الأمطار. وتشجيعاً للحفاظ على البيئة لا يوجد بالمبنى مواقف للسيارات، بل مكان مخصص للدراجات الهوائية فقط bike racks. إضافة إلى ميزات أخرى جعلت المبنى مثالياً يتجاوز معايير (LEED).

إن تقييم المباني بمثل هذه الطريقة يمكن أن يكشف لنا عدد المباني التقليدية التي لا تتمتع بالكفاءة، وبالتالي نتعرف على أسباب ذلك في ثنايا الأساليب المتبعة في تصميمها وتشييدها وتشغيلها.

فوائد المباني الخضراء:

لا تقدم المباني الخضراء استدامة انشائية وبيئية فقط، ولكن أيضاً تقدم الكثير من المنافع والفوائد لمالكي المباني ومستخدميها، كما أن الحلول والمعالجات البيئية التي تقدمها العمارة الخضراء تقود في نفس الوقت لتحقيق فوائد اقتصادية لا حصر لها على مستوى المجتمع.

(1) ضمان استمرارية النمو الاقتصادي للدولة، والذي لا يمكن أن يتحقق في ظل تهديد البيئة بالملوثات والمخلفات، وتدمير أنظمتها الحيوية، واستنزاف مواردها الطبيعية؛ حيث إن المباني الخضراء تعزز وتتبنى هذا الارتباط الوثيق بين البيئة والاقتصاد، والسبب في ذلك أن تأثيرات الأنشطة العمرانية والمباني على البيئة لها أبعاد اقتصادية واضحة.

(2) انخفاض تكاليف التشغيل للمبنى الأخضر، بالإضافة إلى تكاليف صيانة أقل وعمر افتراضي أطول.

(3) توفير الراحة والبيئة الداخلية الأفضل صحياً لمستخدمي المبنى كسكن.

(4) خلق بيئة عمل جيدة، ورفع معدلات الإنتاجية للعاملين في المباني العامة، حيث إن استعمال ضوء النهار الطبيعي في عمارات المكاتب بالإضافة إلى أنه يقلل من تكاليف الطاقة التشغيلية فهو أيضاً يجعل العاملين أكثر إنتاجاً، ووجدت الدراسة التي أجرتها جامعة (ميتشغان) أن الموظفين الذين تتوفر لهم إطلالة على مناطق طبيعية من مكاتبهم أظهروا رضاً أكبر تجاه العمل وكانوا أقل إجهاداً.

(5) تقليل المسئولية القانونية والتكاليف الصحية التي قد تنشأ بسبب أمراض المباني.

(6) رفع قيمة ملكية المبنى وعائدات الإيجار، وتحسين هوامش الربح في المشروع.

(7) توفير تكاليف الطاقة على المدى الطويل، ففي مسح ميداني أجري على المباني الخضراء في الولايات المتحدة وجد أنها تستهلك طاقة أقل بنسبة (40%) مقارنة مع المباني التقليدية المماثلة.

(8) تقليل الأمراض التنفسية والحساسية، عن طريق تحسين الهواء داخل المنازل، والتحكم في مصادر التلوث وتقليلها والقضاء عليها من خلال التنقية والترشيح.

(9) توفير بيئة عمرانية آمنة ومريحة نتيجة تقليل استهلاك الطاقة والموارد، والحد من النفايات، التي تقود إلى تلويث البيئة بمخلفات تنطوي على نسب غير قليلة من المواد السمية والكيميائية الضارة.

(10) توفير الهدر والفاقد في مواد البناء أثناء تنفيذ المشروع، والذي يتسبب في تكاليف إضافية.

(11) رفع حجم المبيعات للمراكز التجارية، حيث تبين أن استعمال ضوء النهار الطبيعي في مراكز التسوق يؤدي إلى رفع حجم المبيعات، فالمجموعة الاستشارية المتخصصة بـ(كاليفورنيا) وجدت أن المبيعات كانت أعلى بنسبة (40%) في المتاجر التسويقية التي راعت نظام المباني الخضراء.

(12) تنقية الهواء من الغبار والأبخرة والمخلفات العديدة العالقة به.

(13) المباني الخضراء لها تأثير مباشر في تلطيف الجو وتحسين المناخ المحلي خاصة في المناطق الحارة.

(14) تحسين الأثر النفسي، وكذلك التأثير الاجتماعي للمناطق الخضراء خاصة على مستوى المجموعات والمجاورات السكنية، وخلق نوع من التقارب والترابط الاجتماعي بين الأسر المختلفة.

(15) الحد من هدر المياه والسيطرة على المياه الزائدة خارج المبنى يمكن تحقيقه باستخدام تقنيات التشييد الخضراء، والتي توفر (50%) من نسبة استهلاك المياه.

(16) إيجاد الحلول البيئية والاقتصادية للمشاكل التي يعاني منها قطاع البناء، من خلال تغيير الأنماط التقليدية المتبعة في تصميم وتنفيذ المباني لجعلها أكثر استدامة.

متطلبات نشر وتطبيق البناء الأخضر في الدول العربية:

(1) وضع السياسات والتشريعات الخاصة بتنظيم البناء، والتي تؤدي إلى نشر فكر العمارة الخضراء لدي المصممين والاستشاريين والمقاولين والمطورين العقاريين.

(2) مراجعة أساليب البناء والعمارة، والبدء في إعداد دراسات قومية لتحديد نظم ووسائل إنشاءات بديلة تكون موفرة للطاقة وصديقة للبيئة في آن واحد. 

(3) اقتراح الكودات Codes التي تحدد متطلبات تصميم وتنفيذ العمارة الخضراء.

(4) إنشاء نظم عربية محلية لتقييم المنشآت من وجهة نظر العمارة الخضراء، ويكون ذلك من خلال التعاون مع الجهات الدولية التي تطبق هذه الأنظمة، وإصدار شهادات جديدة وأكثر صرامة للمباني الحالية.

(5) إرساء آلية ثابتة لتطبيق فكرة العمارة الخضراء وتشمل محاور كفاءة الطاقة، والتوافق البيئي للمباني ومنها إعادة استخدام المخلفات الصلبة سواء كانت زراعية أو صناعية في تصنيع مواد البناء، والتصميم الذي يضمن الاستخدام الرشيد للمياه والطاقة.

(6) بناء القدرات البشرية والكوادر الفنية المتخصصة من خلال التدريب والتوعية وإنشاء مراكز تدريب فنية لتعليم كيفية تصميم وتنفيذ البناء الأخضر.

(7) التعاون الدولي والإقليمي مع الجامعات ومراكز البحوث العالمية في مجالات البحث والتطوير المستمر للعمارة الخضراء، ومتابعة آخر التطورات المحلية والعالمية مواكبة تقنيات التشييد الأخضر.

(8) الاهتمام بالتعليم المعماري والهندسي في جامعاتنا العربية، بحيث تصبح كليات العمارة والهندسة (حاضنة) لتوجه العمارة الخضراء والمباني المستدامة.

(9) توطين تقنيات البناء الأخضر وتأصيلها كممارسات مهنية أثناء تصميم مشاريع المباني والإشراف على تنفيذها، وتتواصل أثناء الممارسة من خلال التعليم المستمر والتدريب والتأهيل المهني في هذا المجال.

(10) تجميع الجهود القومية في مشروعات أبحاث تدوير مخلفات البناء.

(11) إعداد بدائل لمواد البناء التقليدية موفرة للطاقة وعازلة للحرارة، من خلال توجيه مراكز بحوث الإسكان لإعداد دراسات حول خامات جديدة أقل تكلفة، وأكثر جودة، وعمل اختبارات متعددة عليها لوضع المواصفات الفنية لها. 

الخلاصة: المباني الخضراء ضرورة لدولنا العربية:

عند التمعن في أوضاعنا البيئية الصادمة بالدول العربية؛ ندرك بأن حاجتنا إلى تطبيقات العمارة الخضراء أكثر من الدول الصناعية المتقدمة، وإذا كانت كميات أشعة الشمس وحرارتها في منطقتنا من أعلى المعدلات في العالم؛ فإن هذا يعني وجود فرص ذهبية لتوظيفها كمصدر بديل لإنتاج الطاقة، بالإضافة إلى استغلالها في إضاءة المباني والمنشآت خلال ساعات النهار، ومع ذلك فنحن نرى مباني منشأة في بعض البلدان التي تغيب عنها الشمس لأيام طويلة في السنة، ومع ذلك تعتمد بشكل أساسي في الإضاءة الداخلية على ضوء النهار الطبيعي، بينما نرى مبانينا التي تقبع تحت الشمس الحارقة مظلمة ومعتمة من الداخل، وتعتمد فقط على الإضاءة الاصطناعية التي تضيف أعباء صحية على المقيمين بها، وأعباء اقتصادية إلى فاتورة الكهرباء.

من هنا نرى أن تفعيل تطبيق مفاهيم وممارسات العمارة الخضراء في صناعة البناء العربية سيقود إلى إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل البيئية والاقتصادية والوظيفية التي تعاني منها مبانينا القائمة، حيث أن العمارة الخضراء ليست ترفاً أكاديمياً، بل إنها تمثل توجها تطبيقياً عالمياً، وممارسة مهنية واعية بدأت تتشكل ملامحها وأبعادها بشكل كبير في أوساط المعماريين والمهندسين المعنيين بقطاعات البناء في الدول الصناعية المتقدمة، وقد قطعت هذه الدول أشواطاً طويلة في هذا المجال، وأصبح هناك تزايد ملحوظ في الإقبال على هذا التوجه من قبل العامة في ظل الاهتمام المتواصل من قبل المهنيين أنفسهم، لذا فقد حان الوقت للمكاتب الاستشارية ولشركات التشييد والاستثمار العقاري في جميع الدول العربية لتطبيق مفهوم البناء الأخضر حتي لا تصبح شركاتنا معرضة لخطر التخلف عن الركب العالمي.

ولدينا في تراث العمارة الإسلامية العديد من النماذج التي استخدمت عناصر معمارية خضراء، وظهر ذلك في استخدام المواد الطبيعية المتوفرة بالبيئة، أو في استخدام الأفنية الداخلية بما توفره من ظلال نهارا وتخزينها للهواء البارد ليلاً، كما أن ملاقف الهواء استخدمت لتهوية الحجرات غير المواجهة مباشرة لجهة الرياح، أو لتهوية السراديب (البدرومات)، أما استعمال المشربيات الخشبية بالواجهات في العمارة الإسلامية فقد ساعد كثيراً على كسر حدة أشعة الشمس، مع توفير عامل الخصوصية للقاطنين بالمبنى.


شارك هذا المقال :

هناك تعليق واحد:

  1. LOAN OFFER TO SERIOUS PEOPLE
    Do you need a quick loan?
    Have you been denied a bank loan?
    Do you need a loan during this pandemic?
    interest rate of 2% no matter your location
    Do you need a loan to solve your financial problems?
    If so, then you are in luck because my company lends for a short time and the interest rate is low. If you are interested, Kindly reply to us at (Whats App) number:+919394133968 patialalegitimate515@gmail.com Mr Jeffery.

    ردحذف

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger