الرئيسية » » سياسة "الفورة مليون" .... عثمان ميرغني

سياسة "الفورة مليون" .... عثمان ميرغني

Written By Amged Osman on الاثنين، مايو 19، 2014 | 2:35 ص

 صحيفة اليوم التالي  

أصدر بنك السودان المركزي أمرا للبنوك السودانية بوقف تمويل السيارات والعقارات.. بما في ذلك الشركات العقارية التي تملكها البنوك نفسها.

بكل تأكيد هذا مؤشر جديد على (الخطة الثلاثية) لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.. في سنته الأخيرة.. التي يفترض أنها تحقق الاستقرار وتتجاوز صدمة انسحاب عائدات النفط من قائمة الصادرات.

وبعيداً عن تأثير هذا القرار على أسواق السيارات.. فإن قطاع العقارات مؤثر جداً على مجمل النشاط التجاري ويطيح مئات الآلاف من العاملين والمتعاملين مع سوق العقار في السودان.. والمعروف أن قطاع المقاولات والتشييد في السودان يضم طيفاً واسعاً من فئات المجتمع في مختلف الدرجات من أدنى العمالة غير الماهرة إلى الفنيين المهرة والمهندسين والعاملين في تصنيع وتجارة مواد ومعدات البناء وغيرهم.. كل هؤلاء هم الآن في مواجهة الخمول والكساد الذي سيضرب أسواق العقار ويؤدي، بالضرورة، إلى فقدان أعمالهم ووظائفهم..

إن البرنامج الاقتصادي يجاهر بفشله ويمهد لمرحلة جديدة من الذبول الاقتصادي الذي سيتمدد إلى قطاعات أخرى.. وكان ذلك متوقعا منذ البداية لأن الحكومة تصر على عزل المشكلة الاقتصادية من السياسية، وظلت تكابر في اتخاذ ترتيبات اقتصادية تخديرية لم تجد نفعا، فالأزمة الحقيقية التي تعانيها البلاد هي سياسية بامتياز.. وما الاقتصاد العليل إلا واحد من تداعياتها.

السودان لن يخرج من عنق الزجاجة الاقنصادي إلا بإصلاحات سياسية حقيقية تطال منهج التفكير المؤسسي وليس مجرد الأشخاص وحدهم، وهي عملية تتجنب الحكومة وتراوغ وتماطل في تحقيقها.

أي إصلاح اقتصادي في ظل حرب طاحنة تجتاح نصف مساحة السودان هو مجرد أوهام، والراهن الآن يكشف أن الحكومة غير مستعجلة لإنهاء الحرب وأنها تفاوض بمبدأ (الفورة مليون) وبكل يقين كل جنيه يدخل الخزينة العامة ستتلقفه وتلتهمه أولويات الإنفاق العسكري.. وفي المقابل لن يجرؤ الاستثمار الأجنبي على الاقتراب من بلد يحترق بنيران الحروب.

أما طاعون الفساد المستشري الآن فهو ليس مجرد عامل طارد للاستثمار الوطني والأجنبي، بل هو وجه آخر لغياب الحكم الرشيد، الأمر الذي يكفي وحده لتدمير الاقتصاد.. فبعض البلدان الأكثر ثراء منا ولديها موارد اقتصادية هائلة، شعوبها ممعنة في الفقر بسبب الفساد المالي والسياسي.

لن تصلح (كشات) تجار العملة في إيقاف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني، ولن يفيد (بنادول) الوديعة المليارية في تقوية الجنيه.. الطريق واضح كالشمس والخيار بين النهضة والانهيار رهن تغيير منهج الحكم السياسي.

حديث المدينة - صحيفة اليوم التالي
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger