الرئيسية » » طفح الكيل والصرف الصحي

طفح الكيل والصرف الصحي

Written By Amged Osman on الأربعاء، أكتوبر 24، 2012 | 5:24 م

علي الصادق البصير

المشاهد التي نقلتها صحف الأمس حول انفجار مياه الصرف الصحي بمنطقة شرق النيل شكّلت في مجملها أسوأ كارثة إنسانية وبيئية مرت على البلاد، وإذا عدنا بالذاكرة قليلاً لحوادث البيئة فإن كارثة الغاز السام الذي تسرب غربي أم درمان نجدها أقل خطورة من واقعة الأمس وذلك بحسبان الخسائر.

والخسائر التي أعني هي حجم الأضرار البيئية والصحية للكارثة وهذا ما لم يلتف إليه الإعلام حيث تم التركيز على هلاك المواشي والفراخ، وقد كثفت عمليات البحث ليلة أمس لمعرفة حجم الضرر الحقيقي لهذه الكارثة بيد أني لم أجد دراسة أو تصريحًا علميًا مفيدًا وكل ما وجدته في هذا الخصوص تأثيرات مياه الصرف الصحي المستخدمة لري الخضروات وعليها يمكن القياس.
وحسب ما جاء في دراسات وبحوث عدد من كليات العلوم والمعاهد المتخصصة وأشارت تلك الدراسات لجملة من المخاطر المتفاقمة من استخدام مياه المجاري في ري المزروعات، فالمياه مليئة بالميكروبات مثل البكتريا والفطريات موجودة في المياه العائمة، ويؤكد المختصون أن استخدام هذه المياه هو أمر خطير جدًا باعتبار أنه يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض البيكترية والديدان والتيفود، كما أن هذه المياه مليئة بمخلفات إنسانية وحيوانية تؤدي إلى انتشار الأوبئة والبلهارسيا والإسكارس والشريطية انتشار الطفح الجلدي والمغص المعوي لدى الأبقار والحيوانات وهذه معلومة يعلمها الأخ الوالي بحكم اختصاصه في البيطرة، وذلك لأن النيترات سريعة الحركة في الطبقة وتتجه مع مياه المجاري بسرعة إلى قاع التربة، حيث تُروى الأعشاب والمراعي بمياه المجاري العادمة بعد التنقية
وتشير دراسة أخرى إلى مخاطر صحية حقيقية. ناتجة عن ملوثات، بمياه الصرف التي تأتي من الحمامات، والمطابخ، والمراحيض عدا عن السيول المنجرفة من المدن، وفي حين أن هذه المياه تحتوي على كمية أكبر من المغذيات، فإنها تحتوي أيضاً على الأملاح، والمضادات الحيوية، ومواد تعطل عمل الغدد الصماء، وعناصر مسببة للأمراض مثل الكوليرا والإسهال الذي يتسبب بوفاة «11» مليون إنسان سنويًا، كما يشكل السبب الثاني الأكثر شيوعاً لوفيات الأطفال في العالم.
هذه بعض مخاطر مياه الصرف الصحي المعالجة فما بال خطورة الصرف الصحي المنفجر وسط السكان والمزارع والدواجن وهي خطورة لا يمكن وصفها بالمعتادة فالذي تم جريرة وفضيحة تندرج تحت جرائم الإهمال واللامبالاة بل تحت جرائم الإنسانية.
أفق قبل الأخير
معالجة الإشكالات الصحية الناتجة عن انفجار الصرف الصحي بشرق النيل ستكلف أكثر من قيمة تغيير كل المجاري بالخرطوم، ولكن يبدو أن الولاية عاجزة عن إدارة أزماتها ولا تمتلك آفاق التخطيط بل تفتقر إلى حسن التدبير مما استفز الأهالي وجعلهم يخرجون محتجين في الشوارع.. بالمناسبة رائحة الغاز المسيل للدموع كانت أزكى وأرحم من رائحة الصرف الصحي.
أفق أخير:
طفحت يا دكتور.. أعني الصرف الصحي


الإنتباهه 
شارك هذا المقال :
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger