الرئيسية » » الهندسة الجنائية ! .... د. عبد الرحمن كرار

الهندسة الجنائية ! .... د. عبد الرحمن كرار

Written By Amged Osman on الثلاثاء، ديسمبر 27، 2016 | 8:04 ص

د. عبد الرحمن كرار

ذكرني صديقي عبدالإله بشركة C Power التي اسستها مع استاذي ومعلمي د. معتصم محمود حيث عملنا فيها ردحا من الزمن في التسعينات، وأمنت لنا قدراً معقولا من الكسب الحلال في الزمن الصعب ....

ذات مرة استعانت بنا إدارة مستشفي أحمد قاسم حيث كانت قد حيرتهم مشاكل الكهرباء الكثيرة وأعطالها الغير مبررة مما كان يؤثر علي الطبيعة الحساسة للمستشفي حيث كانت تجري فيها عمليات القلب المفتوح ...

في البداية كان عملنا هندسيا بحتا حيث وجدنا الكثير من المشاكل الغريبة في توزيع الطبلونات ونظام التأريض ونظام المولد الاسعافي الآلي وقمنا بإصلاحها علي خير وجه ، وفي ظننا أن مشاكل المستشفي قد تم حلها وأن عملنا قد إنتهي ..

ولكننا ظللنا نفاجأ أنه يتم استدعاؤنا لحل مشاكل جديدة تنبت فجأة من الفراغ ... ومع كثرة هذه الأحداث بدأ الشك يتسرب الينا أن هذه الأعطال بفعل فاعل ... وبدأ عملنا يأخذ منحيً بوليسيا بالذات اثر إكتشاف بعض الأدلة ... مثل "قرصة" زردية لسلك كهربائي ليلامس ماسورة حديد مؤرضة .... أو تعرية غطاء البسبار ورمي سلك بينهما .. وهكذا، وكنا دائما نتبع مبدأ الـ elimination الى أن نصل لمكان العطل الذى كان يجتهد الفاعل الغامض في إخفاءه عن أعيننا. ودارت شكوكنا في أحد فنيي الكهرباء بالمستشفي ... وقد شككنا في علاقة مريبة تربطه مع موظف في المشتروات وأحد المغالق الكهربائية فيما يبدو ... يعني شبكة مكتملة، يستفيد فيها الفني أكثر من مرة ... حيث ينال حافزا و overtime ايضا عندما يحدث عطلاً ويقوم هو "باصلاحه" ، كانت بيّنات ظرفية لم نستطع اثباتها... ويبدو أن هذه العصابة قد تعطلت مصالحها عندنا فاض الكيل بإدارة المستشفي، ورأت الاستعانة بشركة هندسية ...

وتركزت جهود العصابة بعد ذلك في خلق المشاكل والأعطال لنا، وفي ظننهم أننا لن نستطيع حلها، غير عابئين بالمرضى الذين يرقدون في الانعاش والعناية المكثفة ...

غير أننا وبحمدلله توفقنا في كشف كل الألاعيب ... ليس بحسب، بل استطعنا اثبات أن فني الكهرباء قد فعل أحدها عمدا ... فقامت ادارة المستشفي بفصله علي الفور.

كما توقعنا فإن الأعطال توقفت تماما بعد ذلك (بغياب الحلقة الأهم)، كانت تلك الحادثة من أوائل انتصاراتنا في المجال العملي ... ولكنها كانت مشوبة بالمرارة والدهشة بأن هنالك صنف من البشر يمكن أن يموت ضميرهم الي هذا الحد، فيتلاعبون بأرواح بشر في أضعف حالاتهم جاءوا الي المستشفي للعلاج ... لا للموت خنقا جراء توقف أجهزة الاكسجين!

(أنوه أننا لم نستطع أن نثبت شيئا الا علي الفني ... وتظل فرضية وجود عصابة فرضية ظرفية لتوفر الدافع ...)
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger